منذ بدء الازمة الاقتصادية الحالية، وربما قبلها، بدأ الحديث الجدي عن ان الصيغة الدستورية في لبنان، او النظام او اتفاق الطائف يجب ان يدخل مرحلة التعديل او التغيير، لان التوازنات والتفاهمات وموازين القوى اختلفت عن مرحلة توقيعه.
بشكل اساسي يُتهم "حزب الله" بأنه "راغب بتغيير النظام الحالي لزيادة حجم ونوعية حضوره داخله، خصوصا انه قد يرغب بتسييل انتصاراته في المنطقة داخل الساحة اللبنانية، وهو الاقدر بين القوى السياسية على احداث هذا التغيير، اذ ان الرئيس عون قد لا يستسيغ الطائف لكنه غير قادر على المسّ به".
ادى تفاقم الازمة الاقتصادية الى فتح باب النقاش الجدي عن امكانية سقوط الهيكل، والمقصود هنا سقوط النظام الحالي بمؤسساته وزعاماته، لان التطورات المعيشية والمالية والنقدية توحي بأن الفوضى قد تطيح بأي شيء، في ظل عجز الدولة عن تأمين اي من الخدمات الضرورية للمواطنين.
السؤال اليوم هو الى ماذا سيؤدي الانهيار الاقتصادي؟ هل الى دوحة جديدة ام طائف جديد؟ المفاضلة بين هذين الحلين فقط لا غير، اذ يبدو ان البقاء ضمن الواقع القائم غير ممكن لاسباب مرتبطة بالانتظام العام وليس فقط بالتوازنات السياسية.
اذا لم تؤد الانتخابات النيابية المقبلة الى انقلاب حقيقي في موازين القوى في المواجهة بين قوى السلطة وبين من يطرحون انفسهم معارضة، فلا يمكن البقاء على النظام الحالي، لان التوازنات الحالية ستوصل الى تعطيل كامل لانتخاب رئيس جمهورية وعدم تشكيل اي حكومة ، ولعل ما يحصل منذ ١٧ تشرين الول٢٠١٩ خير دليل على ذلك.
منذ ان زار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان للمرة الاولى بعد انفجار مرفأ بيروت، بات الحديث عن تغيير النظام او تعديله اكثر سهولة ومشروعية، لكن الازمة هي ان مثل هكذا خطوة لا يمكن ان تكون خطوة داخلية، بل يجب ان تتمتع بغطاء اقليمي بشكل اساسي، ومن هنا يكتسب كلام ماكرون اهميته.
عمليا وواقعيا يبدو ان سقوط النظام اللبناني ممكن، في ظل التحلل الكامل للدولة وعجز مؤسساتها عن انتاج الحلول من داخل النظام، من هنا يأتي الخوف الاميركي المتجدد من فكرة استمرار الانهيار في ظل ملء "حزب الله" للفراغ من خارج المؤسسات، لان الامر يمهد لنظام جديد قد يكون الحزب اكبر الرابحين فيه، من هنا قد تظهر التحولات في السياسات الاقليمية والدولية قبل الانتخابات، وليس بعدها، كما كان متوقعاً.