بعد ان كانت الحكومة على قاب قوسين أو أدنى من الاعلان، وبعد ساعات من الانتظارات امتلأت بتوقعات ولادة الحكومة في اجتماع افتراضي مرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، عاد الملف الى المربع الأول على وقع حرب بيانات بين الرجلين.
وتبدّدت الأجواء الإيجابية التي استمرت من فترة الصباح حتى ما بعد ظهر الأمس لتحل محلها الأجواء السلبية، ويعود التوتر على خط العلاقة بين الرجلين.
لكن مساء، بدت بعبدا حريصة على التأكيد أن البيان الصادر بعد 10 دقائق من بيان ميقاتي لم يكن موجهاً ضده، إنما ضدّ من يتّهمون الرئيس بأنه يريد الثلث المعطل. وعلمت "الأخبار" تحت عنوان "المفاوضات الحكومية تهتز على وقع البيانات نهاراً قبل أن تستقر ليلاً: مبادرة ابراهيم... الفرصة الأخيرة؟" أن التوضيح كان متبادلاً أيضاً، بما أنهى عملياً تأثير البيانات تلك على مسار التأليف، تمهيداً للتواصل مع الطرفين.
الا انه في المقابل، وبعد مساعٍ حثيثة وزيارات متتالية قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى بعبدا ومبنى "بلاتينوم" مقر إقامة الرئيس المكلف استمرت إلى ما بعد ظهر الأمس في محاولة لتذليل آخر العقد، كانت المفاجأة بأن عون تمسك بحقائب الاقتصاد والشؤون الاجتماعية والطاقة بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ"البناء"، تحت عنوان " مبادرة اللواء إبراهيم مستمرة… والعقد مستمرة… والانتظار مستمرّ لآخر الأسبوع" فيما رفض ميقاتي أن تكون هذه الحقائب الثلاث بيد طرف معيّن فضلاً عن أن نيل رئيس الجمهورية هذه الحقائب الثلاث سيمنحه الثلث المعطل. وكشفت المصادر عن تجدد الخلاف في وجهات النظر بين عون وميقاتي حول عدد من الحقائب لا سيما حقيبة العدل". وأوضحت مصادر أخرى لـ"البناء" أن "الصعوبة تكمن في أن أي تعديل في حقيبة تنسف الصيغة برمّتها وتفرض العودة إلى إعادة النظر بالحقائب نظراً لدقة التوازنات الطائفية والحزبية، في ظلّ سعي الطرفين إلى تحصيل أكبر حصة ممكنة في الحكومة، لوجود قناعة لدى الجميع بأنها آخر حكومة في عهد الرئيس عون وستفصل في الملفات والقضايا الأساسية المختلفة في الداخل والخارج".
وفي هذا الاطار، أكدت مصادر مواكبة عن كثب لعملية التأليف لصحيفة "النهار" أنّ الاتجاه الحكوميّ ينحو إلى مزيد من السلبيّة والمراوحة والدوران في حلقة مفرغة مع محاولة للقول إن ثمّة من يُخطئ بعيداً عن الفريق المقرّب من رئيس الجمهورية، في وقت لا مكان للايجابيات التي يحاول البعض إشاعتها أو التعبير عنها. ومن هنا، ليس واقعياً أنّ الحكومة اقتربت من الأميال أو الأمتار الأخيرة للإعلان عن تصاعد الدّخان الأبيض، انطلاقاً مما تؤكده المصادر المواكبة نفسها، في وقت لا يزال البحث مرتبطاً بالإطار العموميّ لاختيار الوزراء. وتقع المشكلة في كلّ مرّة يقترب بها البحث في موضوع "الثلث المعطّل"، إضافةً الى التطرّق لموضوع وزارتي الداخلية والعدل.
وبقيت عقدة وزارة الاقتصاد محل تشاور بين الرئيسين عون وميقاتي عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي نقل صباح امس الى رئيس الجمهورية رغبة الرئيس المكلف بتسمية وزير الاقتصاد "كونه لم يحصل على حقيبة اساسية وكون الحقائب البارزة كانت من حصص القوى السياسية الاخرى باستثناء حقيبة الداخلية، وهو يرغب بالاشراف مباشرة على المعالجات والاصلاحات الاقتصادية المرتقبة لا سيما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسائر الجهات المالية المانحة". وقد استمهل عون اللواء الوسيط حتى نهار اليوم لدرس الموضوع واعطاء الجواب.
وذكرت مصادر المعلومات لـ"اللواء" تحت عنوان "باسيل يوقظ التعطيل والخلافات كامنة في أكثر من حقيبة" ان حقيبة الاقتصاد يفترض ان تكون من حصة وزير مسيحي كون حقائب السنّة اصبحت شبه منتهية، وقد يختار لها ميقاتي شخصية ارثوذوكسية في حال تقرر ان يُسمّي هو الوزير وعلى هذا لم ولن يحصل لقاء بين الرئيسين قبل التوافق على كامل السلة الوزارية توزيعا واسماء.
وفي سياق متصل، أشارت معلومات صحيفة "نداء الوطن" تحت عنوان "عون وميقاتي وحوار الطرشان عقدة التأليف: 10 على 24" الى ان لقاء عقد مساء أمس بين ابراهيم والوزير جبران باسيل، فإن معلومات أخرى ذكرت أن باسيل قد يكون هو الذي دخل على خط خربطة ما كان توصل إليه ابراهيم ليل أمس الأول، من خلال اعتراضه على أن تكون حقيبة الإقتصاد من حصة الرئيس ميقاتي.