في تشرين الثاني 2020 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل. وقال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة، أن هذا القرار يستند إلى قانون "ماغنيتسكي" الذي يستهدف محاربة الفساد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في كل أنحاء العالم.
أشهر مرت على هذا القرار، وكان لافتاً ما كشفته صحيفة "الشرق الأوسط" أن باسيل بدأ اتصالات مع مكاتب محاماة أميركية لبحث موضوع الاعتراض على هذه العقوبات، علما ان القانون الأميركي يعطي للمتضررين الحق قانوناً بمعارضة هذا التدبير أمام المحاكم الأميركية، لكن هذا معناه أن الأدلة والوثائق التي استند إليها ستصبح "عامة" وقابلة للنشر.
فهل قرارات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للخارجية الأميركية قابلة للاعتراض ؟ وما هي الآلية المُتبعة من الناحية القانونية؟
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص الذي كان درّس القانون الأميركي لسنوات عديدة في الجامعة الأميركية في بيروت أوضح في حديث لـ "لبنان 24" من الناحية القانونية المبدئية ودون التعليق على قضية معيّنة، ان القرارات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) عادة تكون ناتجة عن مشاورات مع مختلف الوكالات الأميركية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالبيت الأبيض، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، ولا تعتبر OFAC منظمة مستقلة أو قائمة بذاتها، بل هي وكالة لإنفاذ القوانينLaw Enforcement Agency.
ولفت إلى ان الهدف وراء إصدار عقوبات بحجب التعامل مع بلد، أو شركة، أو أي مجموعة، أو فرد هو الحؤول دون وصول الشخص المعين إلى النظام المالي الأميركي والأصول العائدة إليه في الولايات المتحدة، ومنعه من الاستفادة من السلع، والخدمات، والتكنولوجيا، والاستثمار...
وأضاف ان ثمّة عملية تشاور واستعراض مشتركة بين الوكالات، حيث تقوم مختلف الوكالات الأميركية بتوفير المعلومات والمعطيات التي تؤدي الى اتخاذ القرار في ما إذا كان ينبغي أو لا شمول الشخص المعني في لائحة الأشخاص المحظر التعامل معها. هذا رغم التحفّظات والجدال القائم في واشنطن اليوم حول مدى فاعلية التعاون بين الوكالات المذكورة التي تتنافس في ما بينها بمقدار ما تتعاون.
وأشار مرقص إلى ان OFAC ، أو في بعض الحالات، وزارة الخارجية الأميركية، تصدر بياناً صحفياً تعلن بموجبه أسماء الأشخاص المعيّنين، كما ويتم نشر إعلان في السجل الفدرالي. ويحدد البيان الصحفي الأشخاص المعينين وأساس الصلاحية الذي بموجبه تم إدراجهم في اللائحة. وتعمد OFAC الى تحديث المعلومات عن الأشخاص المدرجين Specially Designated Nationals وقائمة الأشخاص المحظورين Blocked Persons List، بما في ذلك إسم الشخص المحظور، وأية أسماء مستعارة معروفة، وأرقام جوازت سفر، وعناوين معروفة، وما إلى ذلك .
وبسؤاله عن كيفية الخروج من قائمة الأشخاص المدرجين على لائحة العقوبات، ذكر مرقص ان هناك عدة طرق للخروج من قائمة SDN أي الأشخاص المدرجين على لائحة العقوبات الخاصة بـOFAC، ولكن یجب أن تبدأ معظم جهود الإزالة بتقديم طلب "إعادة النظر الإداري" الى الـ OFAC.
وتابع: يمكن للأشخاص المدرجين الاعتراض عن طريق "إعادة النظر الإداري" في ادراجهم و/أو طلب إزالتهم عن اللائحة، أو حذف إسمهم عن قائمة SDN الخاصة بـ . OFAC ينطبق الإجراء عينه بصرف النظر عن السند الأساسي الذي تم التذرع به لتعيين الشخص المعني. وقد يتضمن طلب إعادة النظر الحجج أو الأدلة التي تدحض الأسس التي استندت عليها الخزينة للتعيين، أو تؤكد أن الظروف التي أدت إلى التعيين لم تعد سارية. أي على الشخص المعيّن أن يثبّت أن الأسباب التي استندت إليها الخزينة في تعيينه لم تكن صحيحة أو لم تعد صحيحة. وبعد ذلك يقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بمراجعة طلب إعادة النظر وإبلاغ القرار خطيّاً إلى الأشخاص المدرجين. إذا تم رفضه، يمكن للشخص إعادة تقديم طلب الشطب. يتم شطب المدرجين في معظم الأحيان عندما تكون قادرة على تقديم معلومات تظهر تغييراً في الظروف.
يجوز للشخص المعيّن، بحسب مرقص، أن يطلب الاجتماع بالـOFAC التي يمكن لها عدم الموافقة علی اجراء مثل هذا الاجتماع. وبعد مراجعتها، في حال الموافقة على الاجتماع، يقدّم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قراراً خطياً إلى الشخص المعني. ونظراً لعدم وجود مهلة نهائية لعمل المكتب، يتعين على المدرجين في بعض الأحيان الانتظار لسنوات قبل معرفة ما إذا كان سيتم حذف اسماءهم عن القائمة خصوصا أن السنوات الأخيرة تشهد مزيدا من الصعوبات لحذف الاسم إداريا من دون اللجوء إلى القضاء الأميركي.
ولفت إلى ان هناك وسيلة أخرى للخروج من قائمة الـSDN من خلال تسوية تفاوضية مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية والوكالات الفدرالية الأخرى. وينطوي ذلك عادةً على التعاون مع أجهزة إنفاذ القانون في تحقيق جنائي، والتفاوض بشأن شروط حذف الإسم من القائمة، أو المساهمة في جمع المعلومات الاستخبارية التي تقوم بها الولايات المتحدة، تبعا للحالة واستنادا إلى القانون الذي أدرج تحته الشخص المعني به.
وأوضح ان الخروج من قائمة الـSDN يتطلب وضع خطة استراتيجية فاعلة وإجراء تحقيق واقعي معمّق. وخلافاً للمدعى عليه في قضية جنائية، فوفقا لأدبيات الـ OFAC لا قرينة على براءة الشخص المدرج رغم احتمالية كونه بريئا، ويجب على الشخص المدرج العمل لاظهار براءته.
وإذا رفضت OFAC حذف إسم الشخص المعيّن من القائمة، يبقى اللجوء الوحيد هو الطعن في التسمية عن طريق إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة الفدرالية وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، بحسب مرقص.