حصلت الحكومة الجديدة على ثقة مجلس النواب لتبدأ بعدها مرحلة الانقاذ الذي تتقاطع حولها عدة قوى سياسية ودول اقليمية ودولية، لكن جلسة الثقة التي كان من المفترض ان تكون جلسة نيابية لمناقشة البيان الوزاري وعمل الحكومة المقبل، تحولت نموذجا لما هو متوقع من صراعات تسبق الانتخابات النيابية المقبلة.
بالرغم من ان نحو ثمانية اشهر لا تزال تفصل القوى السياسية عن الانتخابات، غير ان الخطابات التي القيت في المجلس النيابي كانت خطابات انتخابية بإمتياز، واظهرت حجم الاشتباك المقبل والتوجهات الاعلامية لهذا الحزب او ذاك.
وكما هو المتوقع فان المعركة الانتخابية الاشد ستكون في الشارع المسيحي، من هنا برزت مجددا الصراعات السياسية بين افرقاء هذا الشارع، ففي حين كان خطاب "التيار الوطني الحر "ورئيسه جبران باسيل واضحا من خلال اكمال "معركة" التدقيق الجنائي وتهريب الاموال، وغيرها من العناوين التي يرفعها التيار لشد العصب الشعبي، كان خصومه بالمرصاد.
استمر "التيار" بالاشتباك السياسي والاعلامي امس، مع تيار المستقبل، وهو ما سيكون احد عناوين الخطاب السياسي العوني في المرحلة المقبلة من اجل شد العصب، وهذا ما قد يكون متبادلا بينه وبين تيار المستقبل، اضف الى كل ذلك الكباش السياسي مع حزب القوات اللبنانية حيث حاول باسيل التركيز على التجاوزات التي حصلت في قضية ابراهيم الصقر، لضرب "الخطاب الاصلاحي" للقوات.
بدورها ركزت القوات اللبنانية على التيار الوطني الحر، حتى ان النائب انطوان حبشي تناول بالتفصيل مسألة المازوت الانتخابي الذي تتهم القوات التيار بالعمل على تأمينه للمناطق لغايات انتخابية.
الاشتباك العوني القواتي وشعاراته وادواته هو مجرد مقدمة لما ستكون الحياة السياسية والاعلامية عليه خلال الايام والاشهر المقبلة.
اما "حزب الله" فاستمر باشتباكه العلني مع الولايات المتحدة الاميركية محاولا الاستفادة من النقاط التي حققها من استقدام المازوت الايراني، اي انه يستمر بإعادة تعويم نفسه شعبيا وهذا ما ظهر من خلال اعلان نواب الحزب الاستعداد لتأمين المازوت لجلسة الثقة.
مناطقيا ايضا برز النائب هادي حبيش الذي فتح معركة عكار، وتوجه للجيش مطالبا بفتح الطرقات فيها كما تفتح الطرقات في جل الديب، كما تناول ايضا انفجار التليل. خطاب لا يمكن اخراجه ايضاً من السياق الانتخابي.
تشكلت الحكومة وعين القوى السياسية على امرين، الاول تحقيق انجاز ملموس يحسن واقعها الشعبي او يخفف الغضب والنقمة عليها، والثاني هو الاستحقاق النيابي الذي سيكون بوصلة التصريحات السياسية والاعلامية لاشهر طويلة مقبلة.