يبدو ان الحكومة الجديدة ليست حكومة الحدّ من الانهيار ووضع لبنان على سكّة الإنقاذ وحسب إنما هي أيضاً حكومة التهدئة والتسويات السياسية وحلّ جزء من الإشكاليات التي كانت سائدة في المرحلة الماضية وتحديدا بين لبنان وبعض الدول العربية التي يحتاج اليها البلد بشكل أو بآخر من أجل تثبيت عناصر النهوض.
اقتصادياً، وبحسب مصادر مطّلعة، فإن الواقع السياسي اللبناني من حيث ارتباطاته الاقليمية والدولية يوحي بأن ثمة قرارا كبيرا قد اتّخذ جدياً بمساعدة لبنان ولو بالحدّ الأدنى، غير ان الامر بدا مشروطاً بمساعدة نفسه في الملف الاقتصادي والاصلاحي والقضايا المرتبطة بمكافحة الفساد ووضع خطط ومناهج تساهم في وقف النزف ومزاريب الهدر ، وسيقابل ذلك مساعدات وقروض وغيرها من وسائل الدعم الدولي الكبير.
اما سياسياً، فالأمر سيكون مشابهاً، ما يعني بأن التهدئة السياسية التي يجب أن تُنتهج في لبنان تعتبر مدخلاً أساسياً وضرورياً لتحسين الواقع واستقبال المساعدات المالية وغير المالية من الدول الغربية والعربية وتحديداً دول الخليج.
وترى المصادر ان مساعدة دول الخليج للبنان من خلال إعادة العلاقات الى طبيعتها بشكل أساسي تستوجب كما يستوجب الموضوع الاقتصادي مقدمات لبنانية، أي وبصورة مباشرة، أن الخلافات السابقة بين بعض اطراف السلطة في لبنان والمملكة العربية السعودية يجب أن تسلك مسار الحلّ والتهدئة، الأمر الذي بات لا بد منه في المرحلة المقبلة.
ووفق المصادر، فان هذا هو المتوقع، إذ ان رغبة القوى السياسية المشاركة في الحكومة بإنجاحها ستحتّم عليها القيام بخطوات إيجابية أقلّه على المستوى الإعلامي لجهة خطاباتها تجاه دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، الامر الذي بدأت تظهر ملامحه مؤخراً وتحديداً من خلال خطابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة والتي سبقت تشكيل الحكومة، حيث تقصّد فيها تجنّب أي اشتباك مع السعودية.
وتعتبر المصادر أن هذا الجو الايجابي السائد انطلاقاً من مبدأ تحسين العلاقات مع الدول العربية التي طغى عليها التشنج في مرحلة سابقة، سيكون قاعدة اساسية تعمل من اجلها الحكومة لفتح مسارات جديدة وزيادة زخم التواصل مع هذه الدول والتأكيد على اعادة تعزيز العلاقات التاريخية والتفاهمات مع لبنان، بالاضافة الى دول اخرى في الغرب
مما لا شك فيه أن لبنان اليوم بأمسّ الحاجة للعودة من جديد الى الحضن العربي، واستعادة التضامن معه كما كان عليه في وقت مضى، لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي تواجهها البلاد، الأمر الذي شدّد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في العديد من تصريحاته. وفي حين أن جميع المؤشرات حتى اليوم، تعكس رغبة الدول العربية بدعم لبنان، وتخطّي التباينات السياسية التي سادت في الفترة الماضية، غير أن ذلك كله لا يمكن له أن يحصل من دون تفاهمات داخلية تؤمّن تغييراً جذرياً في الأداء!