لا يزال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط يحافظ على الثوابت السياسية التي طبعت مواقفه في السنوات الاخيرة وتحديدا القضايا المرتبطة بالنظام في سوريا وتحرك "حزب الله" وهذا ما يحاول التأكيد عليه او التلميح له في كل مناسبة.
لكن جنبلاط، الذي كان قد تقارب بشكل لافت من رئيس الجمهورية ميشال عون في الاشهر الماضية، كرّس هدنة سياسية غير معلنة مع "حزب الله" الامر الذي فسره البعض بأنه تمهيد لاعادة تموضع او انقلاب سياسي، وهذا ما لم يحصل حتى الآن.
تمايُز جنبلاط وصل الى حد الخوض في مشاورات جدية مع كل من التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي اللبناني من اجل الاتفاق على معالم تحالف انتخابي في اقضية الجبل، وتحديدا الشوف وعاليه.
في الايام الماضية عاد الخلاف بين جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي ليظهر مجددا على خلفية تعيين شيخ عقل جديد لطائفة الموحدين الدروز، فهل يمكن اعتبار هذا الخلاف مؤشرا الى عودة جنبلاط الى اصطفافه السياسي التقليدي، ام انه سيكون سببا في ذلك؟
ترى مصادر مطلعة ان الخلاف الذي حصل بين جنبلاط وارسلان هو خلاف داخلي بحت مرتبط برغبة ارسلان في زيادة نفوذه داخل الاطر الروحية للطائفة الدرزية، وتمسك جنبلاط بأحادية مرجعيته في هذا الشأن.
وبالتالي وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذا الخلاف لن يتطور، وقد لا يؤثر على اي من المسارات الكبرى التي بدأها جنبلاط في الاشهر الماضية وتحديدا توازنه السياسي الدقيق الذي يتحرك ضمنه، ان كان بتصريحاته او بتحالفاته المرتبطة بالداخل اللبناني وبالاقليم.
من المستبعد ان يستمر الخلاف الجنبلاطي مع ارسلان، فالاول اراد ان يثبت واقعا داخل الطائفة الدرزية وقد نجح في ذلك في حين ان الثاني قد يكون لديه ولدى حلفائه مصلحة فعلية في استمالة جنبلاط قبل الانتخابات النيابية المقبلة وبعدها، لما في ذلك من تأثير جدي على التوازنات في لبنان.
من هنا ترجح المصادر الاّ تأخذ الخلافات بين الزعيمين الدرزيين مدى واسع وعميق، خصوصا ان جنبلاط نفسه متمسك بشكل كبير بعدم الذهاب الى الفوضى على الساحة الدرزية في ظل الانهيار الحاصل.
عوامل كثيرة توحي بأن جنبلاط سيستمر بما بدأ به قبل مدة من دون اي اندفاعة نحو اعادة تموضع حادة، فهذه الخطوة تحتاح الى تسويات واخذ ورد، وربما الى اثمان في السياسة وغيرها، وهذا ما لم يحصل بعد.