بعد رفع الدعم عن المحروقات وارتفاع سعر صفيحة البنزين بشكل جنوني بات المواطن اللبناني غير قادر على التنقل بسيارته ما أجبر الكثيرين على ملازمة منازلهم، حتى ان بعضهم فقد عمله نتيجة أزمة المحروقات بعدما أصبح راتبه لا يغطي تكلفة المواصلات ما أعاد الى الواجهة ضرورة تفعيل خطة النقل العام في لبنان.
فوسائل النقل العام متواضعة في لبنان والقطاع مُهمل منذ عشرات السنين وبقيت كل مشاريعه حبرا على ورق، ولا خيار إلا عبر تأمين شبكة نقل حضارية تليق بالمواطن تكون بديلاً من السيارة.
فبالإضافة إلى ضرورة دعم باصات النقل المشترك يتساءل اللبناني متى سيرى قطارا او "مترو"؟ ولم أهمل هذا الملف ولم يتم التعاطي معه بجدية لكنا وفرنا الآن على المواطن ولاسيما أصحاب الدخل المحدود معاناة تكلفة النقل العالية التي يتكبدها نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها البلد.
وفي هذا الإطار، شدد رئيس مجلس إدارة مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر في حديث لـ" لبنان 24" على "ضرورة تفعيل هذا القطاع لاسيما في هذه المرحلة حيث بات حاجة ملحة بعدما أصبحت تكلفة النقل اليوم تساوي أكثر من راتب الموظف مع غلاء أسعار المحروقات".
وشدد نصر على "ضرورة اتخاذ قرار سريع لتفعيل وسائل النقل العام"، ورأى ان "على الدولة اللبنانية تأمين هذه الخدمة لمواطنيها وان تكون راعية لهذا الأمر من خلال تأمين باصات وسائقين".
وأكد "ان الخطط موجودة لكنها تحتاج إلى تنفيذ"، ولفت" إلى ان وزير الأشغال علي حمية يولي موضوع النقل أولوية كبيرة ويحرص على العناية بهذه المشاريع والخطط والعائق المالي يجب ان يحل من خلال هبات أو قروض".
وأوضح" ان المصلحة تمتلك 40 باصا تولوا نقل المسافرين من مطار رفيق الحريري الدولي والمعابر البرية خلال أزمة كورونا إلى أماكن الحجر لمدة 6 أشهر بشكل مجاني ،وكانت الإدارة تقوم بواجباتها على أكمل وجه، الا انه بعد انفجار مرفأ بيروت تضرر عدد من الباصات وهناك حاجة لإطارات وبطاريات لتسييرها من جديد".
وأشار " إلى انه تقدم بأربع مناقصات لشراء بطاريات وإطارات الا ان التجار رفضوا المشاركة بها نظرا لتقلب سعر صرف الدولار، وهم يشترطون على المؤسسة الدفع "فريش".
وتابع انه "نتيجة الانفجار أصيبت منشآت المؤسسة ولاسيما المرآب الذي تضرر بنسبة كبيرة"، وشدد على "ان هذا الموضوع يحتاج لمعالجة جدية فالباصات بحاجة لترميم وقطع غيار".
وأشار إلى "وجود مشروع متكامل للنقل المشترك وهناك مراسلات لشراء 250 حافلة وصدر قرار من قبل مجلس الوزراء بذلك الا انه بقي حبرا على ورق ولم تتوفر الاعتمادات"، وأكد "ان الخطط موجودة ولكن تحتاج إلى إرادة جدية".
وشدد نصر على "انه لا يمكن ان تتخلى الدولة عن هذا القطاع"، وتحدث عن ان هناك 6400 حافلة لدى القطاع الخاص تعمل بشكل مجتزئ وغير متكامل والسائق غير مقيد بخدمة المواطن وفق ضوابط تنظيمية رسمية، لذا لا بد للدولة ان تمسك هذا القطاع وان تنظمه بالتكامل مع القطاع الخاص".
إحياء سكة الحديد
وعن إعادة إحياء خط سكك الحديد، أشار إلى انه "تم وضع دراسة متقدمة لإعادة إحياء خط سكك الحديد الساحلي بين بيروت وطرابلس انتهاء بالحدود اللبنانية السورية، وهو مشروع استثماري من الحجم الكبير والضخم، والعديد من الجهات المموّلة تبدي رغبة في الاستثمار لكنه يحتاج إلى قرار سياسي ومناخات متوفرة واعتمادات".
ماذا عن مشروع إنشاء مترو في لبنان؟ لفت نصر إلى "ان المترو يحتاج إلى سنوات طويلة ودراسات متقدمة لكافة شبكة الأنفاق والخطوط والمسارات وعدد المحطات إضافة إلى مليارات الدولارات، ولكن لا دراسة أجريت عن هذا الموضوع". وقال:"فلندعم بداية النقل المشترك وشراء حافلات جديدة تغطي المناطق كافة وليس فقط بيروت" .
في لبنان مساحة 403 كلم مخصصة لسكك الحديد لكنه لا يستفيد منها. وفي السابق كانت هناك ثلاثة خطوط عاملة وهي: خط الناقورة - بيروت - طرابلس مع امتداد نحو حمص في سوريا، خط بيروت - دمشق، وخط رياق - حمص. أما اليوم فقد أصبحت البنية التحتية لسكك الحديد غير قابلة للتشغيل ، كما تم التعدي بالبناء على أجزاء كبيرة منها.
مترو بيروت
أما عن مشروع إنشاء مترو في بيروت، فقد صدرت دراسة عام 1995 لإنشاء خطّي "مترو" في بيروت مع اربعة خطوط ترامواي، بكلفة تُقارب 2.5 مليار دولار.
كما تردد انه في العام 1968، زار اربعة مهندسين من الاتحاد السوفياتي سابقا لبنان لمدة شهر، ووضعوا دراسة مبدئية لمشروع مترو في بيروت.
وبحسب خرائط هذه الدراسة يربط الخط الأول للمترو منطقة الأوزاعي بمنطقة سليم سلام متجهاً نحو مرفأ بيروت مباشرة، أما الخط الثاني فينطلق من عاليه مروراً ببعبدا ثم الحازمية وفرن الشباك وصولاً إلى المرفأ أيضاً. والخط الثالث يربط الخط الساحلي الشمالي البحري من منطقة الجديدة مروراً بالدكوانة وفرن الشباك ليصل غرباً نحو البحر في منطقة الرملة البيضاء، والخط الرابع ينطلق من منطقة المتن الجنوبي في جبل لبنان ويمرّ في وسط بيروت ثم يتفرّع الى منطقة الحمرا والمنارة من جهة وإلى الخط الساحلي الجنوبي من جهة أخرى.
وقدرت تكلفة هذا المشروع حينها بمبلغ يتراوح بين 250 و280 مليون دولار، فكيف ستكون التكلفة بأسعار اليوم؟ كما ان هذا المشروع يتطلب استملاكاً كبيراً للأراضي وبناء محطّات وتوسيع أنفاق وبالتالي يحتاج إلى تمويل كبير، فهل يتحقق يوماً؟