كتبت زينب حمود في الأخبار:
لولا تجرأت الطالبة في ثانوية جورج صراف الرسمية في طرابلس، غنى ضناوي، على فضح الأستاذ «المتحرش» على مواقع التواصل الاجتماعي، للاقت الحادثة مصير مئات حوادث التحرش الجنسي والتنمر في المدارس، والتي يجري طمسها خوفاً من عدم تفهم الأهل، أو من رد فعل إدارة المدرسة، أو من عدم تقبل المجتمع. المنشور الذي وضعته الصبية على صفحتها على «فايسبوك» شجع أخريات على كشف ما تعرضن إليه من مضايقات على يد الأستاذ نفسه ومن ثم تنظيم تحرك أمام الثانوية يطالب بصرفه ومحاكمته.
خروج الحادثة إلى العلن دفع وزير التربية، عباس الحلبي، إلى وقف الأستاذ عن العمل وإحالة ملفه إلى «الهيئة العليا للتأديب»، والمجتمع المدني إلى التضامن مع «الناجيات». أي أن التدخل أتي بعد وقوع الواقعة بدلاً من أن يكون استباقياً لتفادي حوادث كهذه، «إذ إن وجود وحدة حماية في الثانوية تلجأ إليها الطالبات لدى تعرضهن للتحرش كفيل بردع المعتدي والتقليل من الانتهاكات لحقوقهن»، كما تقول الخبيرة الدولية في حماية الطفل والرعاية البديلة زينة علوش، مشددة على أن وحدات الحماية في المدارس ليست ترفاً، إنما «هي شرط إلزامي تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان، وتضم مرشدين اجتماعيين ونفسيين يساعدون الطلاب في معالجة المشكلات التي يتعرضون لها سواء في المدرسة أو في المنزل، والوحدات مولجة بتوعية الطلاب والكادر التعليمي حول حقوق الطفل وموضوع الحماية، الاكتشاف المبكر لإمكانية تعرض الأطفال للانتهاك، التدخل المبكر عند الاكتشاف المبكر، واتخاذ الإجراءات القانونية داخل المدرسة أو على المستوى القضائي، خصوصاً في حالات الاعتداء والتحرش التي يعاقب عليها القضاء اللبناني».
مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية، هيلدا خوري التي كلفت من الوزير بإجراء التحقيق، تعزو غياب وحدات الحماية إلى عدم القدرة على توظيف مرشدين نفسيين واجتماعيين بدوام كامل بسبب قوانين التوظيف المعمول بها، علماً أن الوزارة أطلقت سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية بالتعاون مع اليونيسف عام 2018، وهي تدرب، عبر المركز التربوي للبحوث والإنماء، أساتذة ليكونوا نقاط ارتكاز لسياسة الحماية في المدارس والثانويات الرسمية، إلا أن العدد لا يكفي لتغطية جميع المدارس بشكل دوري، إذ لا يتجاوز عدد المدارس التي خضع أساتذتها للتدريب 480 مدرسة رسمية من أصل 1200.