بعد انسحاب تيار "المستقبل" رسميّاً من المعركة الانتخابيّة، بدأت "القوات اللبنانيّة" حملتها بتحفيز الناخبين للاقتراع لمرشحيها، كي تعود الاوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة في لبنان، إلى ما قبل 17 تشرين 2019. كذلك، بقيت إلى جانب الحزب "التقدّمي الاشتراكي" في مواجهة مشروع "حزب الله" التوسعي في مجلس النواب، ورئاسة الجمهوريّة والتمثيل في مجلس الوزراء.
وصحيح أنّ البعض يُشير إلى أنّ لـ"حزب الله" ميولا لتأجيل الانتخابات، والتمديد لمجلس النواب، إلا أنّ الوقائع، وخصوصاً بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسيّة موقتاً، لا توحي بأنّ "الحزب" يتّجه إلى هكذا خطوة. فالفرصة سانحة أمامه لزيادة عدد نوابه، بالاضافة إلى التمدّد أكثر في الشارع السنّي والمسيحيّ. ولعلّ دائرة البقاع الثالثة، أيّ بعلبك – الهرمل، ستكون من أبرز الدوائر التي سيحاول فيها "حزب الله" توسيع تمثيله فيها.
وتجدر الاشارة إلى أنّ لـ"الثناني الشيعيّ" وحلفائه، من الحزب "السوري القومي الاجتماعي"، والنائب المستقلّ جميل السيّد تمثيل من 8 نواب حالياً. في المقابل، تتمثل "القوات" بالنائب الماروني أنطوان حبشي، و"المستقبل" بالنائب السنّي بكر الحجيري. ومع احتدام المواجهة بين "القوات" و"حزب الله" انتخابيّاً، ومحاولة الاخير كسر النفوذ القواتي مارونيّاً في بعلبك – الهرمل من جهّة، واستغلال انسحاب "المستقبل" واعتكاف مناصريه عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، ومحاولة الفوز بالمقعد السنّي الثاني في الدائرة من جهة ثانية، يلفت مراقبون إلى موضوع هامّ على "الحزب" احتسابه جدّياً، وإلا سيُكلّفه كثيراً، وهو أنّ القانون الحالي يعطي كلّ لائحة تمثيلها في مجلس النواب نسبيّاً، ما يعني أنّ أي فوز بالمقعد الماروني، من الممكن أنّ يُربح "القوات" مقعدا شيعيّاً، حتى لو كان فارق الاصوات مختلفا لحدٍّ واسعٍ.
وبرزت طروحات كثيرة يُمكن أنّ يلجأ إليها "حزب الله" لكسب المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل، ومنها ترشيح وزير الاعلام المستقيل جورج قرداحي، أو دعم النائب السابق إميل رحمة، أو الاتّفاق مع "التيار الوطني الحرّ" على إسم مارونيّ آخر، وتجيير أصوات شيعيّة لاحد المرشحين، لاعادة المقعد الماروني إلى كنف 8 آذار. ويحذّر مراقبون من أنّ لهذه الخطوة مخاطرة كبيرة، فلائحة "القوات" حتماً ستكون ممثلة في مجلس النواب. وإذا ذهب النائب الماروني إلى "الحزب" أو "التيّار"، فإنّ خسارة الاوّل ستكون مدوّية في شارعه الشيعيّ، وخصوصاً إنّ تمثّل الخصم الابرز له بمقعد شيعي، وفي معقل نفوذه.
من هنا، يرى مراقبون أنّ على "حزب الله" عدم المخاطرة، واحتساب تداعيات تحالفه مع "التيار الوطني الحرّ" أو عدم إعطاء أصوات شيعيّة للمرشّح الماروني في لائحته، كي لا يجد نفسه رابحاً للمقعد الماروني، وخاسراً لمقعد شيعيّ. كذلك، إنّ خسرت "القوات" مقعدها، فإنّ التمثيل الماروني لن يكون صحيحاً هذه المرّة.
في المقلب الاخر، يجب التذكير أنّ لائحة "القوات" و"المستقبل" وحلفائهما من المعارضين الشيعة لـ"الثنائي الشيعيّ" نالت 35607 أصوات خلال انتخابات الـ2018، أعطتهم حاصلين انتخابين. كذلك، كان بارزا حصول بكر الحجيري على حوالي 6000 الاف صوت، أعطته الحاصل الثاني. ومع زيادة عدد الناخبين المسيحيين والشيعة بشكل خاص في دائرة البقاع الثالثة، وانكفاء الاصوات السنّية المقربة من "المستقبل، إضافة إلى احتساب أصوات المغتربين المسجّلين في هذه الدائرة (4039 شيعي و1974 ماروني و1066 كاثوليك)، فمن المرجّح أنّ تعمل "القوات" هذه المرّة على اختراق لائحة "حزب الله"، والفوز بنائب شيعي. ويُشير مراقبون إلى نقطة أساسيّة، وهي أنّ المرشّح الشيعي في لائحة "القوات" في الانتخابات السابقة، يحيى شمص، نال 6658 صوتاً، على أن تزيد هذه الاصوات في الانتخابات المقبلة لعدّة عوامل، أبرزها بروز معارضة في الشارع الشيعي بعد 17 تشرين الاوّل 2019.
ومن جهة ثانيّة، فإنّ شدّ العصب الشيعي من خلال خطاب "حزب الله" وقضيته، بالاضافة إلى الوقوف مع أهله في البقاع بشكل خاص، ليس فقط مع اقتراب موعد الانتخابات، وإنّما من خلال المساعدات واستقدام المازوت الايراني، كلها عوامل إيجابيّة لصالحه.
توازياً، يوضح مراقبون أنّ صبّ الاصوات الشيعيّة للمرشحين الشيعة في لائحة "حزب الله" وحلفائه، من شأنها أنّ تقطع الطريق أمام طموح "القوات" بالفوز بمقعد شيعي. وعليه، فإنّ نالت "القوات" حاصلين كما في الانتخابات السابقة، تكون إمّا فازت بمقعد ماروني وسنّي، وإمّا بمقعد ماروني وروم كاثوليك.
ويجدّد مراقبون أهميّة إبقاء "حزب الله" تحالفه مع النائب جميل السيّد الذي نال العدد الاكبر من الاصوات في دائرة بعلبك – الهرمل خلال انتخابات الـ2018، لشعبيته في هذه الدائرة على إثر مواقفه السياسيّة، ولاستقطاب الاصوات السنّية المواليّة لمحوّر المقاومة، وبالتالي، العمل على الفوز بتسعة حواصل، وعدم المخاطرة بالحاصل العاشر الماروني. ولكن، يجب انتظار التحالفات والارقام النهائيّة، وما ستقرّره نتائج الانتخابات في 15 آيار، إذ أنّ كلّ الاحتمالات متوقّعة في هذه الدائرة بين "القوات" و"الحزب"، وخصوصاً إنّ سجّلت الدائرة نسب إقتراع كبيرة، كما حصل في العام 2018.