حتى الآن، لم تُحسم الأسماء التي ستنضمّ إلى لائحة التحالف الإنتخابي بين الحزب "التقدّمي الإشتراكي" و"القوات اللبنانية" في دائرة الشوف - عاليه. في الوقتِ الحاضر، ما زالت "الغربلة" قائمة ومستمرّة لاعتمادِ مرشحين مقرّبين من الجهتين، في حين أنّ الأنظار تتجهُ نحو المرشّحين السّنة الذين سينضمّون إلى هذه اللائحة، علماً أن الدائرة الانتخابية تضمّ مقعدين للطائفة السنيّة.
آخر المعطيات على هذا الصّعيد تكشف أنّ حزب "القوات" يعتمد مناورة خلف الكواليس، إذ يسعى إلى تسمية مرشح للمقعد السني الثاني ضمن اللائحة التي تجمعه بالحزب "الإشتراكي"، علماً أنّ الأخير يحفظ المقعد السني الأول لنائبه بلال عبدالله، وهذا الأمرُ أصبح شبه محسوم ويُنتظر الإعلان عنه فقط.
تشيرُ معلومات "لبنان24" إلى أن "القوات" تضعُ أمامها هدفاً أساسياً في إقليم الخروب ويتمثل بالدخول إلى الطائفة السنية عبر اختيار مرشح يكون مقبولاً من مختلف الأطراف. وهنا، فقد علِم "لبنان24" أنّ "جهة فاعلة كُلّفت بالتواصل مع أطراف عديدة لطرح عليها إمكانية تسمية مرشح سني منها لصالح القوات، كما أنه تم الاتصال أيضاً بشخصيات في إقليم الخروب وتم الطلب منها الترشح تحت اسم "القوات اللبنانية"، على أن يكون هناك تعهد من قبلها بالالتزام باجتماعات كتلة الجمهوريّة القوية. إضافة إلى ذلك، فقد كان هناك مطلبٌ بإعطاء قرارٍ بسرعة قياسيّة، وذلك من أجل حسم الأسماء والإعلان عنها".
مع هذا، فقد كشفت معلومات "لبنان24" أنّ الأطراف التي تم التواصل معها أبدت عدم قبولها بالمشاركة بالانتخابات باسم "القوات"، إلا أنها قد تكون ضمن لوائح أخرى.
ما بيّنته المعلومات أيضاً أنّ الحركة التي قامت بها الجهة الفاعلة المشار إليها أعلاه، تمّت بعلم أوساط تنضوي تحت لواء الحزب "الإشتراكي"، وهذا الأمر كشفته حركة اتصالات تمهيدية أجرتها تلك الأوساط في وقتٍ سابق مع الأشخاص الذين تم التواصل معهم للترشح باسم القوات. وهنا، فإن هذا الأمر يعني أن قسماً من "الإشتراكي" على دراية بالحراك والمخطط الذي تسعى إليه القوات اللبنانية. إلا أن مصادر مقرّبة من النائب السابق وليد جنبلاط قالت لـ"لبنان24" إنّ "الأمر الذي أثير مؤخراً بشأن سعي القوات لترشيح شخصية سنية، سيخضع للتحقيق والمتابعة الحثيثة لمعرفة خلفياته".
وأضافت: "خلال لقاء النائبين أكرم شهيب ووائل أبوفاعور مع رئيس حزب القوات سمير جعجع قبل أسبوعين تقريباً، كان هناك تأكيدٌ على أن الشارع السني لا يمكن التلاعب به بسهولة خصوصاً في إقليم الخروب".
كذلك، فقد بيّنت الاتصالات أنّ التوجه القواتي كان باتجاه شخصيات فاعلة ضمن المجتمع المدني من أجل الاختيار بينها وتحديد اسمٍ واحد ليكون مرشحاً عن المقعد السني الثاني. أما الأمر الأهم فهو أن توجّه "القوات" كان قوياً باتجاهِ بلدة برجا التي تتسابق القوى السياسية المختلفة نحوها لانتقاء مرشحين منها وخوض اللوائح بهم.
وبشأن هذه النقطة، فقد أوضحت مصادر سياسيّة أنّ الحزب الإشتراكي بات يشدد على ضرورة أن يكون هناك مرشح "برجاوي" ضمن اللائحة لأن استبعاد البلدة مجدداً سيؤدي إلى نقمة من قبلها، وتجربة انتخابات العام 2018 كشفت عن كتلة كبيرة في برجا يمكن أن تؤثر على مسار الانتخابات، إمّا بالمقاطعة أو بالتصويت للوائح الأخرى التي تضمّ مرشحاً آخر من البلدة. ففي ذلك الحين، لم تضم لائحة "المصالحة" التي كانت مدعومة من "الإشتراكي" و"القوات" و "المستقبل" أي مرشح من برجا، الأمر الذي دفع بشريحة واسعة من أبنائها إلى الإقتراع لصالح المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، وذلك تحت شعار "صوّت برجاوي".
في الواقع، فإنّ ما تكشفه التوجهات الحالية إنّما يؤكد على الإصرار القواتيّ بالتغلغل ضمن المناطق السنية الوازنة وتحديداً في الشوف. إضافة إلى ذلك، فقد أوضحت المعطيات أيضاً أنّ المبادرة القواتية باتجاه برجا تحتاجُ إلى حسمٍ سريع، إلا أن هذا الأمر يطرح تساؤلات عديدة وهي: هل سيكون هذا المرشح "البرجاوي" مقبولاً من الفئات جميعها؟ هل ستقبل برجا بأن يكون لديها مرشح باسم القوات؟ هل ستُراعي القوى السياسية التوازنات المناطقية؟
تقول مصادر "القوات اللبنانية" لـ"لبنان24" إنّ "الملف الانتخابي محصورٌ بيد النائب جورج عدوان الذي يتولى عملية التنسيق مع مختلف الأطراف فضلاً عن عملية طرح الأسماء"، مشيرة إلى أنّ "الترشيحات باتت متبلورة إلى حدّ ما وسيتم الكشف عنها في مؤتمر صحفي يعقده جعجع".
مكسبٌ لجنبلاط؟
بشكل أو بآخر، يتضح تماماً أنّ "القوات" تسعى لتقاسم النفوذ في الجبل مع "الإشتراكي" بشكل كبير، وهذا الأمرُ يتبين أكثر عند تقسيم المناطق وتحديد المرشحين فيها. مع هذا، فإنّ غياب تيار "المستقبل" عن الساحة أكّد ما كان يثار عن نية "القوات" دخول الطائفة السنية "انتخابياً"، وهذا الأمر سيتحقق حُكماً في حال رشحت "القوات" فعلاً مرشحاً سنياً، بموافقة من جنبلاط.
إزاء هذا المشهد، فإنّ المرشح الذي تريده "القوات" يجب أن يكون قوياً لشدّ الناخبين إليه، إلا أن الاعتماد على القدرات الذاتية للشخص المرشح لا تفي بالغرض، وبالتالي يستوجب على "القوات" منح مرشحها السّني أصواتاً من المسيحيين خصوصاً أن جنبلاط سيسعى مع حلفائه لضمان نوّابه بالدرجة الأولى، والذين قد يصل عددهم إلى خمسة.
وبشكل خاص، فإن زعيم "المختارة" يعاني من مشكلة كبيرة تتعلّق بمرشح درزي في ظل اندفاع الوزير السابق وئام وهاب باتجاه الحصول على مقعد في الشوف. في المقابل، فإن التوجه القواتي غير المعلن بشأن النائب السني قد يريحُ جنبلاط كثيراً، وبات بإمكان الأخير أن يستخدم أصوات حركة "أمل" لدعم مرشحه الدرزي بالإضافة إلى أصوات "الجماعة الإسلامية" لدعم مرشحه السني. وعملياً، فإنه لو وافق جنبلاط على تسمية النائبين السنيين، لكان مضطراً لدعمهما بشكل مطلق، وفي المقابل، تهديدِ مرشح درزي مع العلم أنه لا يضمن نجاح السني في حال كان من الجماعة الإسلامية بشكل خاص، أو في حال لم يكن مرشحاً قوياً من برجا.
ووسط هذه التركيبة المتشابكة، تتجه الأنظارُ نحو الجماعة الإسلامية في الشوف التي تبيّن أنها باتت خارج كادر "الجهات الأساسية"، بمعنى أن التحالف سيكون معها لاستخدامها فعلاً كـ"أداة" انتخابية فقط. وعلى هذا الأساس، سيفاوض "التقدمي" أفرقاء الجماعة المنقسمين، على أن تكون هناك ضمانات محددة، ومن الممكن أن يكون بعضها مالياً أو خدماتياً.
خلاصة القول هي أن المعركة الحالية في دائرة الشوف - عاليه ستكشفُ عن مبارزة سياسية حامية، والساعي الأكبر لضمان نفسه هو جنبلاط الذي سيحاول تأمين نوّابه بالدرجة الأولى قبل "القوات" وقبل أي أحد.