"الريس تامر قاضي عادل ومتواضع وما بيقبل وسايط"، هكذا يصف أحد رؤساء الأقلام رئيس الصندوق التعاوني للمساعدين القضائيين القاضي جوزف تامر.
هم يثقون به ويركنون اليه في مواجهة التحديات الوظيفية التي تطالهم، وهو " عا قد المسؤولية".
منذ بدء الإعتكاف المزدوج، قضاةً ومساعدين قضائيين، وربما قبل ذلك، والريس تامر في حراك متواصل وجولات مكوكية بين وزارة العدل والعدلية بهدف تحسين الصندوق التعاوني وتحصينه خدمةً للمنتسبين اليه.
إندفاعة القاضي تامر تجلّت في بيان تلاه خلال الإجتماع الذي رأسه وزير العدل هنري الخوري في محكمة التمييز، بمشاركة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود وأعضاء المجلس ورئيس صندوق تعاضد القضاة القاضي علي إبراهيم والرؤساء الأوَل الإستئنافيين للبحث في تداعيات الإعتكاف والحلول التي يمكن إستنباطها لإعادة التوازن لميزان العدالة. ما قاله الرئيس تامر القارىء المتابع والضليع في اللغة العربية هو الآتي:
معالي الوزير، حضرة الرئيس الأول، حضرة أعضاء مجلس القضاء الأعلى، حضرة الزملاء الكرام،
"إن الإنسانَ مفطورٌ على التعلُّقِ بحبال الآمال ولو كانت أوهى من نسيج العنكبوت..."
و "إن صاحب اليأس يتوسم في كل جديد فرجاً..."
هذه هي تماماً حال المساعدين القضائيين اليوم، الذين ما أن تناهى إلى مسامعهم خبر إنعقاد هذا الاجتماع معكم حتى هبوا يطلبون مني، بصفتي رئيساً لمجلس إدارة صندوقهم التعاوني، أن أنقل إليكم بكل صدق وأمانة همومهم وشجونهم، علّكم تفرجون كربتهم وتخرجونهم من ديجور اليأس الذي يقبعون فيه منذ زهاء سنتين ونيف.
لن أطيل بالحديث، إذ طبعاً لا حاجة لي للإضاءة على العناء الذي يتجشمه المساعدون القضائيون بغية الحضور إلى قصور العدل في ظل إرتفاع أسعار المحروقات، ولا على تآكل رواتبهم بفعل التضخم وإنهيار العملة، ولا على الظروف المذرية التي يعملون فيها في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر القرطاسية ولا التدفئة ولا الحمامات واللائحة تطول...، إذ نحن جميعنا على تماسٍ مباشر مع المساعدين القضائيين في محاكمنا وندرك جيداً معاناتهم هذه، ولكنني هنا لأقول لكم وبكل صراحة أمرين:
الأول، أن المساعدين القضائيين قد خارت قواهم وتببهم الضنك فوصلوا إلى مرحلةٍ لم يعد لديهم فيها القدرة على تحمل وطأة هذه الأزمة التي ما برحت تهدد لقمة عيشهم وصحتهم وصحة عائلاتهم، والأمثلة على ذلك كثيرة، منهم فقد حياته أو حياة أقرب الناس إليه على أبواب المستشفيات، ومنهم من توقف عن تلقي علاجه أو أخذ دوائه وراح يستجير الله يومياً أن ينقهه ويبعد عنه أي مكروه، ومنهم من حزم أمتعته وعزم على الرحيل...
وثانياً أن المساعدين القضائيين، إضافةً إلى جزالة الأعباء التي يرزحون تحتها والتي لا يجدون للخلاص منها سبيلاً، يشعرون أنهم صاغرون ومتروكون لمصيرهم، وأنهم خارج أي حلول يجري تباحثها من قبل المسؤولين، ويعتبرون أن أي تحسين لوضع القضاة لا يشملهم سوف يوسّع الهوة فيما بينهم، الأمر الذي أحبط عزيمتهم ودفعهم مرغمين الى الإعتكاف والمطالبة بما يلي:
- تعزيز وضع صندوقهم المادي عبر زيادة مساهمة الدولة فيه وإفادته من المنح أو الهبات المرتقبة.
- إفادة صندوقهم من أي تعديل تشريعي للرسوم القضائية أسوة بصندوق تعاضد القضاة.
- إقرار طابع للمساعدين القضائيين قيمته ثلاثة بالألف من الحد الأدنى للأجور.
- زيادة رواتبهم بما يؤمن لهم العيش الكريم.
- تأمين حد أدنى من مادة البنزين تضمن لهم الإنتقال إلى أعمالهم.
- إيجاد حلول ناجعة لمسألة الطبابة والإستشفاء في ظل تعثر تعاونية الموظفين.
في الختام، إن عيون المساعدين القضائيين شاخصة إليكم اليوم، وينتظرون منكم الكثير، آمل أن أكون قد نقلت لكم بوضوح صرختهم ووجعهم، وآمل أيضاً أن تلقى هذه الصرخة صدى لديكم لأنه، وبكل بساطة، إن لم نساعد المساعدين القضائيين الآن ربما لن نجد من يساعدنا،ولا من يقطع الرسوم التي تحدثتم عنها...