تفاعلت إحالة رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي بركان سعد، النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الى التفتيش والمجلس التأديبي بسبب جملة أخطاء ارتكبتها كان آخرها سفرها الى أوروبا من دون أخذ اذن وزير العدل.
وكتبت " الاخبار": قد تكون عون ارتكبت خطأ شكلياً، ومن المؤكد أنها أخطأت بقبولها الظهور إلى جانب المرشّح للانتخابات النيابية عن طرابلس عمر حرفوش، إلا أنّ المفاجئ أنّ التفتيش القضائي استيقظ فجأة على خطأ شكلي، وقرّر رئيس الهيئة بركان سعد ، مدعوماً بموقف زملائه في مجلس القضاء الأعلى، محاسبة عون والقاضي فيصل مكي وإحالتهما على المجلس التأديبي. وتترافق إحالة أي قاض على المجلس التأديبي عادة مع طلب وزير العدل كفّ يده ووقفه عن العمل إلى حين صدور القرار، ما يعني إطاحة ملف التحقيق مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الذي تتولّاه غادة عون. وهنا بيت القصيد.
وكانت عون قد زارت مجلس الشيوخ الفرنسي، الأسبوع الفائت، بناءً على دعوة رسمية أكّدت لـ«الأخبار» أنها أبلغت وزير العدل هنري خوري بها عبر الهاتف، وأنّها تقدّمت بإذن سفر أيضاً. ترافقت الزيارة مع نشر فيديو لها تحدثت فيه عن ارتهان بعض القضاة وسطوة السياسة وعن خوف بعض القضاة بما يحول دون إحقاق الحقّ. استنفرت هذه التصريحات أهل القضاء والسياسة والإعلام، فاتصل وزير العدل الموجود خارج لبنان برئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي طلب من رئيس هيئة التفتيش القضائي إحالة عون على مجلس تأديب القضاة «بسبب سفرها من دون إذن رسمي وإدلائها بشهادات مسيئة ضدّ قضاة لبنانيّين».مصادر مجلس القضاء الأعلى أكّدت أن القاضية عون «اتصلت فعلاً بوزير العدل لإبلاغه بتلقيها الدعوة فطلب منها أن ترسل له نصها، إلا أنها لم تفعل. وعندما عاود سؤالها عنها لم تُجبه، وسافرت من دون إذن خطي أو حتى موافقة عبر الهاتف. بناءً على ذلك، رأى وزير العدل أن لا وجود لدعوة من مجلس الشيوخ الفرنسي لأن دعوات كهذه تُرسل عبر وزارة العدل قبل أشهر من موعد المؤتمر، وليس بشكل شخصي إلى القضاة قبل أيام قليلة من الموعد المحدد».
وعلمت «الأخبار» أنّ وزير العدل سيطلب فور عودته من السفر تحويل القاضية عون إلى هيئة التفتيش لسفرها من دون إذن رسمي. وأوضحت المصادر أن الإجراءات ضدها مردها الملابسات التي رافقت الزيارة، منها إشارتها إلى أن القاضي بيار فرنسيس طلب التنحي عن ملف رجا سلامة لأنه خاف، وتصرفها كإعلامية وليس كقاضية في حفل عشاء تحدثت خلاله عن الفساد القضائي واستنسابية القضاة، وتسريبها معطيات خرقت سرية التحقيق خلال حديثها عن ملف رجا سلامة». يُضاف إلى ما سبق، وجود عدد كبير من الشكاوى في سجل القاضية عون أمام هيئة التفتيش القضائي.
عون أكدت أنها ستذهب إلى هيئة التفتيش القضائي الأسبوع المقبل، وردت على الحملة التي شُنّت ضدها بنشر نصّ الدعوة التي تلقّتها من نائبة رئيسة لجنة القوانين في مجلس الشيوخ الفرنسي ناتالي غوليه. وأكدت لـ«الأخبار» أنّها أبلغت وزير العدل هاتفياً بالدعوة، وأرسلت له طلباً خطياً بذلك قبل أسبوع. كما أبلغت مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي «أجابني: الله معك». واستغربت خبر إحالتها الى مجلس التأديب من قبل هيئة التفتيش قبل أن تستمع اليها أصلاً، مؤكدة أنها لم ترتكب أي خطأ بقبول دعوة غوليه بصفتها منظّمة للمؤتمر الذي يُعقد بمبادرة من حرفوش. أما في ما يتعلق بالصورة التي انتشرت لها شابكة ذراعها بذراع حرفوش، فلفتت إلى أنّها تعاني كسراً في قدمها، وكان حرفوش يساعدها أثناء سيرها.
وكتبت " نداء الوطن": أوقعت القاضية غادة عون نفسها في "شرور" تصريحاتها خلال الرحلة الباريسية التي قامت بها على نفقة المرشح للانتخابات عمر حرفوش، وهاجمت فيها أركان السلطة القضائية متهمةً إياهم بالجبن والخوف، إذ تبيّن خلال الساعات الأخيرة أنّ التفتيش القضائي أحال عون إلى المجلس التأديبي للقضاة بعدما انتهى من استكمال تحقيقاته ذات الصلة بالإحالات السابقة الصادرة بحقها إلى التفتيش.وفي خطوة بدت التفافية على فحوى الإحالة على التفتيش، سارعت القاضية عون أمس إلى محاولة سحب كلامها المهين بحق رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي بيار فرنسيس، فقدمت له الاعتذار عن قولها في باريس إنه "خاف وتنحى" عن البتّ بقرار تخلية سبيل شقيق حاكم المصرف المركزي رجا سلامة، متوجهةً في تغريدة "إلى كل الذين أساؤوا فهمي عندما قلتُ إن أحد القضاة قد خاف وتنحى"، بالقول: "أولاً إن القاضي فرنسيس هو من أنزه وأفضل القضاة وأنا أجلّه وأحترمه وأعتذر منه إذا كان هذا الامر قد أزعجه".
وتساءلت مصادر سياسية عبر “البناء”: هل استهداف القاضية عون بذريعة سفرها الى الخارج من دون إذن، يهدف الى لجم اندفاعتها في ملاحقاتها القضائية ضد حاكم المركزي وعدد من المصارف بجرائم مالية وطنية كالاختلاس والإثراء غير المشروع وتبييض وتهريب الأموال الى الخارج وتهديد العملة الوطنية؟ وتوقعت المصادر المزيد من الانقسام والتشظي والتخبط في البيت القضائي، في ظل صراع مثلث الأضلاع قضائي – سياسي وحكومي وقضائي مصرفي وقضائي – قضائي، هذا ما سيجمّد كافة الملفات القضائية والمالية حتى إشعار آخر.