كتبت "الاخبار": أكثر من نصف الحقيقة في قعر البحر. فالقارب الذي غرق في 23 نيسان في بحر طرابلس يحتوي على جزء كبير من الأدلة المطلوبة لإجراء تحقيق قضائي دقيق وشامل يمكن ان يكشف علمياً حقيقة ما حصل. وقد عثرت فرق الانقاذ حتى الآن على جثث ثماني ضحايا بينما تمكن الجيش من انقاذ نحو 45 من الركاب، وما زال هناك عدد غير محدد من المفقودين في البحر. يتطلب التحقيق كفاءة واختصاصات مهنية في متابعة الأدلة واستكشاف الخيوط وتحديد العوامل السببية المحتملة حتى يتمكن القضاء من كشف مجريات الحادث وتحديد المسؤوليات بعيداً عن الاحكام المسبقة والتكهنات.
انتشال القارب لإعادة تركيب الحادثة
يبدو أن أكثر من نصف مصادر الحقيقة قد ابتلعها البحر، لذلك لا بد من انتشال القارب وجمع الأدلة التي تساعد في تحديد العوامل التي أدّت الى تحطمه وغرقه، اذ ان معاينة زورق الجيش غير كافية لتحديد مسار ونقطة واتجاه التأثير.
علماً ان الضرر الكبير- ان كان بسبب الارتطام بخفارة الجيش، أو بسبب الضغط الناتج عن صدع في البحر- يمكن ان يشكل تحدياً اساسياً للمحققين، الا ان هذا لا يمنع الخبراء من التمييز بين الضرر الناتج عن الحادث (الارتطام) والاضرار الناتجة عن عوامل أخرى. إضافة الى هذه الحاجة العلمية لانتشال القارب من اجل إعادة بناء مسرح الجريمة وتسلسل الاحداث، هناك جانب اخر لا يقل أهمية، وهو إمكانية وجود جثامين ضحايا عالقين داخل المركب خاصة انه لم يتم حتى الساعة تأكيد عدد المفقودين رسمياً، اذ ان الحمولة الأساسية الدقيقة (قبل الإبحار) لم يتم تحديدها حتى الساعة بشكل رسمي.
والى الضرر الكبير الذي ألحق بالمركب، هناك عائق آخر امام المحققين يتمثل بوجود المركب على عمق كبير بحسب قائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم الضناوي. وأفادت مصادر غير رسمية بوجود المركب على عمق 400 متر، ما يستوجب إمكانيات وتقنيات متطورة جداً لانتشال المركب بحسب نقيب الغطاسين في لبنان محمد سارجي.النقيب سارجي أشار ان لبنان لا يمتلك أية إمكانيات لانتشال القارب. وأوضح لـ «الاخبار» ان وجود المركب على عمق 400 متر، أي على 41 درجة ضغط، يجعل من المستحيل وصول الغطاسين إليه لأن الحد الأقصى للعمق الذي يمكن الانسان الغوص اليه هو 150 متراً. ولذلك لا بد من استعمال تقنية الـ ROV (remotely operated vehicle)، وهي عبارة عن مركبة تعمل تحت الماء، يتم التحكم فيها عن بعد، تربط القارب بمجموعة من الكابلات الموصولة بمنطاد صغير يساعد لدى إطلاقه في انتشال القارب. الا ان هذه التقنية مكلفة جداً في وقت يمر لبنان في أزمة اقتصادية خانقة.
تعمل تحت الماء ويمكن استخدامها لاستكشاف أعماق المحيطات وللإنقاذ البحري. وهي مجهّزة بكاميرات واضاءة وبذراع ميكانيكية وأجهزة لجمع العينات. تستخدم هذه المركبات للبحث في الأعماق وإجراء مسوحات لحطام السفن بما في ذلك تلك التي يحتمل أن تكون خطرة.