كتبت "الاخبار": الانخراط في بازار انتخاب رئيس للمجلس النيابي، مع علم الجميع بأن المرشّح الوحيد للموقع اسمه نبيه بري، بات واضحاً أيضاً أنه يخفي في طياته معارك على الحكومة المقبلة وعلى موقع نائب رئيس المجلس الذي يتنافس عليه ثلاثة مرشحين هم: إلياس بوصعب (التيار الوطني الحر)، غسان حاصباني (القوات اللبنانية) وملحم خلف (17 تشرين). كما أنه يهدف إلى إيصال بري بأقل عدد من الأصوات.
مصادر سياسية مقربة من رئيس المجلس، أشارت إلى أن إعادة انتخابه "أمر محسوم، ولا ضيرَ إن كان بلا أغلبية"، لكن "المشكلة ليست في عدد النواب الذين سيصوّتون". الكارثة أن لا أحد يريد التكلم مع أحد، ما يدفع إلى التساؤل: لماذا دخلوا الى مجلس النواب مجدداً؟ كي يتجادلوا؟ هناك ملفات ملحّة وقوانين مستعجلة وظروف ضاغطة تحتّم على القوى السياسية أن يتحدث بعضها إلى بعض، وحتى النواب التغييريّون عليهم أن يفهموا أن اللعبة البرلمانية تقتضي التشاور والتعاون مع الجميع"، مشيرة إلى أن "الاتصالات التي بدأت للتخفيف من أجواء التشنج توقفت".
المصادر أكّدت أن أصوات نحو 60 نائباً مضمونة لبري من نواب كتل حركة أمل وحزب الله وحلفائهما والطاشناق والمردة ونواب كتلة عكار الأربعة "المحسوم أنهم سيصوّتون للرئيس بري"، بحسب ما أكد النائب وليد البعريني لـ"الأخبار"، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين وكتلة اللقاء الديموقراطي. وفي هذا السياق، علمت "الأخبار" أن وفداً من كتلة "التنمية والتحرير" سيزور النائب تيمور جنبلاط للبحث في ملفات عدة؛ من بينها انتخاب رئيس المجلس. فيما يفترض أن يعلن التيار الوطني الحر موقفه بوضوح اليوم بعد الاجتماع الأول الذي ستعقده كتلة "لبنان القوي".
غير أن مصادر أخرى استبعدت أن يدعو بري، بصفته رئيس السنّ، إلى جلسة قريباً، قبل أن يضمن تصويتاً مسيحياً وازناً له. وبالتالي، قد لا تعقد الجلسة قبل اليوم الأخير من انتهاء المهلة الدستورية، مع الأخذ في الحسبان احتمال تجاوزها باعتبار أن هناك رأياً دستورياً يرى أنها مهلة حثّ لا إسقاط، إذ لم يرسم المشرّع، في المادة الثانية من النظام الداخلي لمجلس النواب، جزاءً أو فرضاً أو سياقاً في حال عدم الالتزام بهذه المهلة، كما هي الحال في سائر المواد في هذا النظام. ما يعني أن الأمور ذاهبة، على الأرجح، إلى تعطيل طويل للمجلس وللاستحقاقات التي تليه، وتحويل الأزمة إلى أزمة نظام وإطاحة اتفاق الطائف برمّته.
إلا أن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر رجحت لـ"البناء" عدم تصويت كتلة لبنان القوي للرئيس بري، وعزت المصادر السبب الى انسجام التيار مع مواقفه من الطبقة السياسية التي حكمت منذ عقود وأوصلت البلد الى هذا الدرك، متسائلة: كيف سنقنع جمهورنا بالتجديد لبري في ظل مواقفنا التي تحمل الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار في لبنان.
وأوضحت أن "التكتل سيعقد اجتماعاً اليوم سيتخذ خلاله القرار النهائيّ بهذا الخصوص بعد مناقشة حيثياته وتأثيراته على الواقع النيابي".
وكشفت مصادر سياسية متابعة ل"اللواء" ان "الاتصالات والمشاورات الجانبية لتسهيل انعقاد جلسة انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائبه، ما زالت في بداياتها، وتتركز على جس نبض الكتل الاساسية وبعض النواب، بالاسماء المرشحة لمنصب نائب رئيس المجلس، فيما يسعى الرئيس بري، باعتباره رئيسا للسن إلى الاتفاق على اسم نائب للرئيس، يحظى بتوافق مسبق وقبول من احدى الكتل النيابية المسيحية، قبل الدعوة إلى جلسة الانتخاب المرتقبة وهو ما لم يحصل حتى الساعة، في حين لم تصدر اي مواقف قاطعة ونهائية، من قبل التيار الوطني الحر برفض قبول ترشيح النائب الياس بوصعب لهذا المنصب، ويبقى كل ما يطرح باطار المناورة ومحاولة جس نبض بخصوص امور ومسائل اخرى، لها علاقة بتشكيل الحكومة الجديدة، وشروط المشاركة فيها".
وتوقعت المصادر ان يعلن التيار الوطني الحر عن موقفه من انتخابات رئاسة المجلس ونائبه بعد اجتماع التكتل المرتقب اليوم، مع وجود توجه لعدم مقاطعة الجلسة والاتجاه لتسمية بوصعب لنيابة الرئيس، بينما ماتزال مسألة التعاطي مع انتخاب بري، وهل يلتزم اعضاء التكتل كلهم، بالانتخاب ام تترك الحرية لاعضائه، لافساح المجال امام رئيس التكتل النائب جبران باسيل بعدم الاقتراع.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة "اللواء" ان "جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ستعقد عاجلاً أم آجلاً وإن المعركة بشأن نائب رئيس مجلس النواب تخضع لاصوات النواب. ولفتت إلى انه متى انجز هذا الاستحقاق، تتظهر الصورة اكثر بشأن التوجهات".
ورأت المصادر ان "اتصالات تأخذ مداها في عملية فرز الكتل النيابية والمستقلين"، مؤكدة ان "التغييرات التي طرأت ستترك انعكاساتها، وان العين على تحرك نواب قوى التغيير في ما خص الاستحقاقات المقبلة ومدى الالتقاء مع باقي الكتل ومعارضتها لها".
إلى ذلك، اعتبرت المصادر ان "هناك اسئلة تطرح عن هدف السجال الذي نشأ بين رئاسة الحكومة ووزارة الطاقة بعد تحول الحكومة إلى حكومة تصريق الاعمال، وفهم ان الملف مرشح إما لأن ينحسر وكله مرتبط بمدى معالجة السجال او تركه يتعاظم".
وكتبت "الديار": يتريث بري في الدعوة الى جلسة الانتخاب، ولديه هامش زمني يمتد الى الأسبوع الأول من حزيران المقبل كحد أقصى، لتأمين اوسع مروحة نيابية لاعادة انتخابه، وكذلك استنفاد مناورة الكتل السياسية في معركة نيابة الرئاسة. وفي هذا السياق، تشير مصادر "الثنائي" الى ان لا "اثمان" مطلوب دفعها من اي طرف، ومحاولة البعض الحصول على مكاسب سياسية مناورة لا طائل تحتها، لان بري "راجع" دون "جميلة احد"، ومن يطمح لمقعد نائب الرئيس عليه المسارعة للتفاوض مع الكتل النيابية الوازنة، لان المعركة الجدية الوحيدة هي على هذا المنصب، "والدلع" و"الشعبوية" سيؤديان الى تكبد خسارة غير ضرورية لصاحبها في المكان والزمان غير المناسبين، فالمقايضة بين الاستحقاق المجلس والحكومي غير جائزة لانتفاء الحاجة عند بري الذي ينتظر "العروض".
وفي هذا السياق، سبق لحزب الله ان نصح النائب جبران باسيل بعدم التفريط بهذا المنصب، وعدم التصعيد مع بري في "معركة" لا تستهدفه وحيدا، وثمة انتظار لكيفية مقاربته لهذا الملف بعد ان وعد بمراجعة الموقف مع التكتل، وسط ترجيحات بمنح نواب "التكتل" حرية منح بري اصواتهم، مقابل ضمانة بانتخاب النائب الياس بوصعب نائبا للرئيس، وهي تسوية لا تزال عالقة عند رفض بري منح اي ضمانة الا اذا كان التاييد علنيا وواضحا لانتخابه.