لا يحتاج الارباك العام في لبنان إلى دليل، فالشواهد على ذلك لا تعد و لا تحصى حيث التخبط و العشوائية لا يتركان مجالا للشك بأن التدهور بلغ حدودا خطيرة تهدد مصالح لبنان الأساسية، وخير مثال على ذلك ما يعرف "ملف ترسيم الحدود البحرية".
فور مغادرة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الأراضي اللبنانية، ساد الانشراح في بيروت على اعتبار بأنه جرى الاتفاق على موقف لبناني موحد عنوانه الليونة المفرطة في المفاوضات وتحصيل حقل قانا في مقابل حقل كاريش وترك الباب مواربا على طرح الخط المترجع. هذه الاجواء الايجابية عمليا هي لزوم ضخ موجات من التفاؤل في ظل أزمة مستفحلة على كافة الاصعدة اكثر ما هي تعكس حقيقة الواقع.
المستغرب، ذلك الاستسهال الرسمي في قضية يتوقف عليها مصير لبنان ومستقبله ، والقضية لا تقتصر على التوصل إلى وجهة موحدة خلف المفاوض اللبناني، بل يتعدى ذلك إلى الخلط بين المصلحة الوطنية العليا والمصالح الفئوية الضيقة ، ما اربك المفاوض اللبناني، خصوصا وان إسرائيل هي العدو الذي يسعى جاهدا إلى تدمير النموذج اللبناني.
في المعطيات الأولية التي تسربت مؤخرا، ان الرد الاسرائيلي على الطرح المستجد أتى موغلا بالسلبية لناحية عدم الموافقة على خط التفاوض المقترح رغم كون الموفد الأميركي خرج بانطباعات بأن القضية قد بلغت خواتيمها، زاد منها محاولات أميركية للمواكبة عبر السماح بتجاوز العقوبات على سوريا واستجرار الغاز من مصر كما الاستفادة من شبكة التيار الكهربائي في الأردن.
في سياق متصل، تسود تكهنات حول موقف حزب الله في ظل الموقف الاسرائيلي الذي يسعى إلى سرقة موصوفة لثروات لبنان وسيادته من باب الحدود البحرية، خصوصا وان السيد حسن نصرالله قد أعلن موقفا متقدما قبيل وصول هوكشتاين مؤكدا بأنه يقف خلف القرار اللبناني، وهذا ما يطرح سيلا من الأسئلة حول كيفية تعامل حزب الله الذي طالما أكد بأنه يقف خلف قرار الدولة و ابداء الاستعداد للدفاع عن لبنان وحقوقه؟