كما كان متوقعا، تراجع الحزب التقدمي الاشتراكي عن كل الخطاب التصعيدي الذي رفعه خلال مرحلة الانتخابات النيابية الاخيرة، وعاد الى السلوك المعتاد الذي اعتمده في السنوات الاخيرة، وهو عدم خوض اي اشتباك حاد مع اي فريق سياسي لبناني.يتعامل" الاشتراكي" بخطاب بالغ الهدوء في معظم القضايا المطروحة، خصوصا ان الانتخابات افرزت له واقعا مريحا ان كان عدديا او مذهبيا.
تمايز الاشتراكي عن بعض حلفائه وخصومه خلال الاستشارات النيابية الملزمة وذهب بإتجاه تسمية السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة من دون ان يقطع خطوط التواصل مع الرئيس نجيب ميقاتي وهذا ما قرأه البعض محاولة لاعادة تكوين صورة جديدة للنائب تيمور جنبلاط تقربه من الحالة المعترضة على الواقع السياسي العام.
لكن بإستثناء هذا التمايز، غير المؤثر، والذي ربما ما كان سيكون لو كان سيؤدي الى تبدلات في النتيجة، لم يبتعد الاشتراكي في خطواته السياسية منذ ما بعد الانتخابات النيابية كثيرا عن المسار العام الذي اتبعه سابقا. انتخب الرئيس نبيه بري وامن له الفوز من الدورة الاولى، وخاض معركة محدودة ضد التيار الوطني الحر في نيابة رئاسة المجلس ودخل التسويات في انتخابات اللجان.
حتى ان الاشتراكي حافظ على تقاربه مع القوات اللبنانية ونسق معها في بعض الخطوات من دون ان يظهر كحليف كامل الاوصاف لها، اذ لم يصطف بالخندق القواتي الذي يواجه بشكل واضح قوى الثامن من اذار وحزب الله في كل القضايا الاساسية.
قبل يومين كان لافتا موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من عين التينة الذي تحدث بليونة نسبية عن خطوة حزب الله بإرسال المسيرات بإتجاه حقل كاريش، اذ اعتبر ان اسرائيل تقوم بخروقات الامر الذي يعتبر تراجعا في حدة الخطاب الجنبلاطي ضد حزب الله، واستمرارا في التهدئة الاعلامية معه.
بات واضحا ان جنبلاط ينتظر التسوية الاقليمية وهو غير راغب في خوض الرهانات السياسية في لحظة تحول اقليمية ودولية غير معلومة النتائج، بل يعمل على التعامل مع اللحظة بإعتبارها فرصة للحفاظ على موقعه السياسي والتشبيك مع مختلف الاطراف تجنبا لاي خسارة في لحظة تسوية متوقعة.
هكذا يبني الحزب التقدمي الاشتراكي سياسته حتى انه اعلن انه غير راغب في المشاركة في الحكومة وبالتالي تجنب خوض اي اشتباك علني وواضح وحاد على الحصص الوزارية، من دون ان يوحي او يلمح الى امكانية التعطيل او عرقلة عملية التشكيل...