كتب مايز عبيد في "نداء الوطن":
"ما عاد في حل إلا الهجرة لنخلص من هالعيشة القرف"، إنه لسان حال الناس هنا في الشمال، وقد بات البحر خلاصهم الوحيد من الجشع الذي يعيشون في خضمه.
صعوبات اقتصادية وهموم معيشية تزداد يوماً بعد يوم ولا أمل بأي إنقاذ يلوح في الأفق. وأمام عيشة الذل والفقر والجوع، والحياة من قلّة الموت، بات المواطن يفضّل أن يهاجر بعرض البحر، فإما ينجو أو يموت، وهو يرى أنه لم يعد بمقدوره التحمّل في بلده.
وفي سياق متصل بالأزمة هدد صيادو مرفأ العريضة في عكار أنه «إذا لم يتم تعزيل مجرى النهر الكبير الذي من المحتمل أن ينسدّ بالكامل في غضون أيام بسبب الرواسب، وإذا لم تلتفت الدولة لمطالبهم وأوضاعهم الإجتماعية والإنسانية فإنهم سيجدون أنفسهم مضطرين للهجرة بمراكبهم إلى أوروبا ولا يلومنهم أحد».
وقال رئيس تعاونية صيادي الأسماك في مرفأ العريضة محمد عبلة إنّ «الصيادين لم ينزلوا إلى البحر منذ أيام لأن أسعار المازوت أصبحت أعلى بكثير مما سوف تردّه رحلة صيد، وكان هناك عمال كثر من قريتنا يعملون في بيروت وفقدوا عملهم بسبب ارتفاع أجور المواصلات وصار كل معاشهم لا يكفيهم للتنقل ما دفعهم لترك عملهم ونزلوا هم أيضاً إلى البحر للصيد ما زاد الوضع سوءاً».
رحلات الهجرة مستمرة
من جهة أخرى لا تزال رحلات الهجرة غير الشرعية بالمراكب من مياه الشمال ناشطة رغم تشدد الجيش والقوى الأمنية في محاولة ضبط هذه الظاهرة والحد منها. وقد عزز الجيش تواجده الأمني في أكثر من نقطة بحرية شمالية يقال إن المراكب تنطلق منها. وتشير المعلومات الاخيرة إلى أن مراكب انطلقت من العبدة ومناطق شمالية أخرى وحملت عائلات وأشخاصاً من عكار ومن مخيم البداوي واتجهت بهم إلى إيطاليا وأن هذه الرحلات أقلت على متنها عدداً من العسكريين لم تحدد هوياتهم بعد، لا سيما أن هناك عسكريين يتخلّفون عن الإلتحاق بمراكزهم وتأدية خدمتهم بسبب الأوضاع المعيشية وارتفاع أجور المواصلات.
إلى ذلك كشفت معلومات أمنية لـ «نداء الوطن» أن قيادة الجيش تستقصي عن العسكريين المهاجرين وتحاول معرفة ما إذا كان هناك بالفعل تورط لعسكريين آخرين في مسألة تسهيل سير هذه المراكب. ويقال إن منظمي الرحلات قد رفعوا أجرة تهريب الشخص الواحد إلى 7 آلاف دولار الأمر الذي يؤخّر كثيرين في سلوك هذا المنحى.