أصدر نادي قضاة لبنان البيان الآتي:
"غريب أمر المسؤولين السياسيين ورجال الدين في مقاربة القضاء، فمن جهة ينادون باحترام السلطة القضائية وضرورة تفعيل دورها، ومن جهة مقابلة يبادرون إلى الطعن بها عندما يتمّ المسّ بامتيازاتهم ومصالحهم الضيقة!
ومريب هذا الانفصام بين منادٍ بسيادة القانون ودولة الحق وبين مساوم على منافع شخصية وخطوط حمر!
وعجيب هذا الاستشراس في الدفاع عن القضاء عندما يكون القرار ضد الخصم والاستقتال في الهجوم عليه عندما يكون القرار لا يراعي ما تشتهون!
إن القول بتعطيل القضاء وبعدم القيام بدوره وبفتح ملفات دون سواها، هو على صحته، قول حق يُراد به باطل؛ فأكثرية من ينتقدون هذا الواقع يكونون هم أنفسهم من تسببوا به.
وللأسف، فإن القوانين النافذة تفتح المجال في التعطيل من خارج القضاء، ولهذا كان المطلب الدائم والأبدي هو إقرار قانون يكرّس الاستقلالية الفعلية.
وبالتالي، إن ما يتعرّض له القضاة عند كل مفترق والمسّ بأشخاصهم وبحرمات منازلهم بمجرد صدور أي قرار هو أمر يأباه الحدّ الأدنى من المنطق ويشكّل طعنة في قيامة الدولة إذ إن للقرارات آليات طعن محددة لا يمكن تخطيها؛ فالقضاء ليس تركيبة بوليسية تستبيح الحرمات وتنتهك المقدسات، بل هو يتخذ قراراته في ضوء القوانين، ولكلّ متضرر الحق في الطعن فيها أصولاً، بعيداً عن هدم الهيكل، وخلط المفاهيم، ومحاولة الترهيب والشيطنة.
وآخر مآثركم، من نحوٍ أول، استدعاء رئيس مجلس شورى الدولة من قبل لجنة نيابية، المفروض أنها مولجة أمر النظر بإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، لاستيضاحه حول قرار اتخذه المجلس بحضور الشخص المشكو منه، ومن نحوٍ ثانٍ، التهجّم على قاض والتحريض عليه طائفياً على خلفية قرار اتخذه سواء أكان صائباً أم لا، في حين كان من الأجدر سلوك طرق الطعن القانونية به ليس إلا.
فحذار من الاستمرار في الغيّ، وإلا دفعتم بقضاتكم إلى قرارات جماعية قد تفضي إلى المساس في جوهر مشروع العدالة في لبنان.
ويبقى الأمل في أن يسود منطق العقل لأن لا قيامة للدولة إلا عبر احترام سيادة القانون واستقلالية القضاء".