لا تنفصل محاولات التطوير وبث روح الحداثة داخل المملكة العربية السعودية عن انتهاج سياسة خارجية مغايرة لمجمل وضع المنطقة، بما في ذلك لبنان كونه لن يحظى بمعاملة خاصة، لو من باب الرعاية، الا بمقدار إجراء إصلاحات حقيقية.
تتظهر حقيقة الموقف السعودي تجاه لبنان ، في عمق النقاش حيال الوضع السوري ، فالسعودية لم تتخل عن مطلبها الأساسي بانسحاب فصائل الحرس الثوري كمقدمة لحل الازمة التي طال امدها. صحيح انه تم التراجع عن دعم فصائل المعارضة لكن في المقابل لن يتم التخلي عن سلسلة أوراق رابحة قبل الاعتراف بشرعية الرئيس السوري ومن ضمنها عشائر العرب في البادية السورية.
وبعيدا عن تشعبات الوضع السوري، تدور تساؤلات مقربين من السياسية السعودية في بيروت أبرزها الجدوى من مطالبة فورية بعودة النازحين إلى سوريا في ظل بقاء حزب الله عسكريا في سوريا، وكذلك الأمر بالتعويل على جهود المملكة في انتشال لبنان اقتصاديا من دون النية بمجرّد إجراء عملية إصلاح سياسي وإقتصادي جدية.
من هنا ، يؤكد المراقبون وجود حالة ترقب سعودية في الوقت الراهن من دون القيام باي مبادرة تتعلق بالشأن اللبناني ، وهو حال معظم الدول المعنية لناحية ترك عهد الرئيس عون ينقضي ومن ثم انتظار مسار الاستحقاق الرئاسي انتخابا او فراغا. في المقابل يعمد السفير السعودي وليد بخاري إلى إدارة جلسات نقاش خارج الطاقم السياسي ويميل إلى الاستماع إلى الحس النقدي لهيئات مهمشة.
هذا لا يعني، الإنفضاض عن لبنان و تركه يغرق في قعر حفرة الانهيار الشامل، فالسعودية تنتظر إدارة فرنسا لورشة اتصالات فرنسية تركز على مصير الاستحقاق الرئاسي كمدخل طبيعي نحو تحقيق اختراق في جدار الازمة السمية، وهذا بطبيعة الحال لا يعني التسليم السعودي والسير في تفاهم شامل بقدر الانتظار والترقب.
أبرز عناصر قوة السعودية الجديدة، تكمن بالواقعية المقرونة بالتركيز على التنمية البشرية ، وهو تحول بارز كان ينبغي على لبنان تحويله إلى فرصة واستغلالها في إطار إدارة الحوارات بين الجهات المختلفة على غرار العراق او الإمارات العربية المتحدة او سلطنة عمان ، لكنها من ضمن المزايا التي يفقدها لبنان تباعا حتى أصبح التخلف السمة الأساسية لنظامه السياسي.