قالت مصادر معارضة لـ"الجمهورية" كيف يمكن انتخاب رئيس في ظل انشغال العالم بأزماته العاصفة، ونصف الانتخابات الرئاسية هو خارجي، وانقسام الداخل وانزلاقه إلى توتر، ما يعني ان النصف الآخر معطّل بدوره؟
ولاحظت هذه المصادر «انّ هجوم باسيل على ميقاتي لا يخرج عن السياق الرئاسي، خصوصاً ان «التيار الوطني الحر» يخوض كل استحقاقاته على وقع التسخين السياسي، سواء من أجل شدّ عصب بيئته في استحقاق يخوضه مسيحياً، او من أجل إيصال الرسائل إلى حليفه «حزب الله» الذي كلّف ميقاتي، بأن عدم حسمه الاتجاه الذي سيعتمده رئاسياً لن يُبقي الوضع السياسي مستقراً، وهجومه العلني على ميقاتي يعكس رسائل امتعاض إلى حليفه الذي وافقَ على تكليف بلا شرط تأليف حكومة تشكل ورقة قوة للعهد في أشهره الأخيرة، الأمر الذي حرمه من منصة متقدمة لباسيل في خوضه الانتخابات الرئاسية، وان يكون في موقع متقدم في الفراغ الرئاسي، بدلاً من ان تكون هذه الورقة في يد ميقاتي منفرداً، الأمر الذي قد يمهِّد لخيارات «دستورية» قد يعتمدها رئيس الجمهورية والتي ستُدخل البلاد في فوضى دستورية بين مُدافِع عن هذا التوجه وبين رافض له».
ورأت المصادر نفسها ان «كل المؤشرات تدل إلى انّ الحماوة الرئاسية لن تبدأ مع بداية المهلة الدستورية، إنما مع بداية تشرين الشهر الأخير لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فيما من غير المعروف كيف ستتمكن باريس التي دخلت على الخط الرئاسي من إنتاج تسوية في ظل ظروف داخلية معقدة، ووضع خارجي متوتر؟».
على جبهة التأليف الحكومي أبدت اوساط سياسية مُطّلعة تشاؤمها الشديد حيال إمكان تشكيل حكومة جديدة في الفترة القصيرة التي تفصل عن موعد الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى ان السجال العنيف وغير المسبوق الذي اندلع اخيراً بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي و»التيار الوطني الحر» قضى على أي امل في التشكيل قريباً، الا اذا حصلت معجزة كما سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ان صرّح.
واعتبرت الاوساط انّ كلّاً من ميقاتي و«التيار» ذهبا بعيداً في كشف مكنونات كل منهما حيال الآخر بحيث «لم يبق ستر مغطّى»، ما يعقّد كثيرا احتمال ولادة الحكومة في ظل بيئة سياسية غير صحية من هذا النوع.
لكنّ مصادر معنية بالاستحقاق الحكومي قالت لـ«الجمهورية» ان تعطيل التأليف «لم يكن يوماً من جانب الرئيس المكلف وإنما من جانب رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
واوضحت هذه المصادر انّ ميقاتي قدّم، إثر الاستشارات النيابية غير الملزمة، تشكيلة وزارية الى رئيس الجمهورية ولكن الآخر لم يرد عليها بعد لا سلباً ولا ايجاباً حتى الآن، ما يعني انّ كرة تأليف الحكومة ما تزال في ملعبه وليس في ملعب الرئيس المكلف الذي بادر عشية عطلة عيد الاضحى الى الاتصال بعون طالباً موعداً للقاء بينهما، حتى الآن لم يحدد هذا الموعد فيما بادرَ باسيل ومعاونوه الى تسريبات أعاقت ولا تزال تُعيق تأليف الحكومة بدءاً من تسريب انّ ميقاتي «وعد» بزيارة عون بعد عودته من عطلة العيد، وقبلها تسريبهم اسماء التشكيلة التي اودعها ميقاتي رئيس الجمهورية، وصولاً الى شنّ حملة عليه واتهامه بالتعطيل وانّ التشكيلة منعدمة المعايير والتوازن، فيما لم يسمع الرئيس المكلف بعد اياً من هذه الملاحظات من رئيس الجمهورية مباشرة حتى الآن حتى يبني على الشيء مقتضاه.
واشارت المصادر الى انّ ما يعطّل التأليف هو الشروط والمطالب الكبيرة التي يطرحها باسيل، والتي يريد من خلالها وضع الرئيس المقبل تحت قبضته، الامر الذي لا يمكن للرئيس المكلف ان يقبل بها، ولهذا السبب تشنّ الحملات عليه ويُوَجّه اليه الاتهام بالتعطيل.