في اللقاء الذي جمع رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بالمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين خليل ورئيس وحدة الإرتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، في حضور النائب وائل ابو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، حضر "المزاج الجنبلاطي" بقوة كطبق رئيسي على طاولة المحادثات.
فـ"حزب الله"، الذي له حساباته وتوازناته الداخلية المبرمجة على توقيت ما يجري في الإقليم، لم ينسَ أن يستحضر في خلفية لقاء كليمنصو المواقف التصعيدية التي أطلقها جنبلاط خلال حملاته الإنتخابية، آخذًا بالطبع إمكانية العودة إلى "النغمة" السابقة.
ولكن، وبحسب المراقبين، فإن أكثر ما لفت على أثر اللقاء ليس تصريح جنبلاط، الذي كان عامًّا ومبهمًا، وليس تصريح حسين خليل أيضًا، بل أسئلة الإعلاميين، الذين إنهالوا عليهما بالأسئلة المحرجة: لماذا كل هذا الحب الآن؟
الأجوبة لم تقنع أحدًا. ما من أحد في الجمهورية اللبنانية لا يعرف أن ثمة نقاط إختلاف كبيرة بين جنبلاط و"حزب الله". ما قيل بعد لقاء كليمنصو لم يأت بجديد. فهذه النقاط معروفة ، ولكن ما لم يُعرف هو النقاط غير الخلافية التي تمّ البحث فيها، إذ رفض جنبلاط الإفصاح عنها. وهكذا أصبح الذين إستمعوا لى وليد بيك أمام لغز محيّر.
فنقاط الإختلاف معروفة، وهي كثيرة. فـ"الحزب التقدمي الإشتراكي" أفاض في الحديث عنها، ومن بينها مصادرة "حزب الله" قرار السلم والحرب"، وضرورة حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية اللبنانية دون سواها، وعلاقاته الخارجية ومواقفه المعادية لدول الخليج العربي، ودفاعه عن النظام السوري وقتاله إلى جانبه في سوريا.
أمّا نقاط الإلتقاء، والتي تمّ البحث فيها، والتي ستبحث لاحقًا، فلم يُعرف عنها شيء، وبقيت ملكًا للطرفين وكأن الآخرين لا علاقة لهم بها، لا من قريب ولا من بعيد.
فـ"القوات اللبنانية"، التي هي حليف أساسي لـ"الحزب التقدمي الإشتراكي"، في الإنتخابات كما في الأمور "السيادية"، التي على أساسها خيضت تلك الإنتخابات، ورُفعت الشعارات، كانت غائبة عن محور اللقاء. وهذا ما كشفه الحاج حسين خليل عندما أجاب بحدّية عن سؤال يتعلق بإمكانية التحاور مع "القوات".
السائل إنطلق من فرضية مبدئية عندما طرح سؤاله البديهي طالما أن المصلحة الوطنية تفرض التحاور بين مختلف المكونات السياسية، ليأتي الجواب صادمًا للسائل والمستمع. "ما بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الإشتراكي مختلف كثيرًا عما هو بين الحزب و"القوات".
مصادر قريبة من "القوات" حاذرت التعليق على اللقاء بحدّ ذاته، مشيرة إلى أن الموقف النهائي يُتخذ في ضوء ما يتمّ تبلّغه رسميًا من قبل المجتمعين، وبالتحديد من قبل النائب أبو فاعور الذي هو على تواصل دائم مع النائب ملحم الرياشي، حول ما تمّ البحث فيه، وبالتحديد موضوع الإستحقاق الرئاسي.
من جهة أخرى لم تعر المصادر إياها أهمية لكلام الحاج خليل، معتبرة أنه أصاب عندما تحدّث عن أن هناك خلافًا جوهريًا بين "القوات" وبين الحزب، لكن هذا الخلاف حول المبادىء الأساسية لا يمنع أن يكون هناك تواصل على المستوى النيابي، خصوصًا إذا كانت وجهات النظر متطابقة بالنسبة إلى ما يمكن أن يُطرح من مشاريع قوانين، وبالأخص تلك التي لها علاقة بحياة الناس ومعيشتهم.
ويبقى السؤال: لماذا غاب رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط عن اللقاء، وقد زار غداته الديمان وألتقى البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، في حضور النائبين ابو فاعور وأكرم شهيب؟