يتعامل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل مع مسألة تشكيل الحكومة بالكثير من البرودة السياسية فهو يجد انه يستطيع الحصول على مكاسب سياسية في حال تشكلت، وعلى مكاسب اكبر، في حال عدم تشكيلها، وهذا ما يعرفه خصوم باسيل ويعملون على منعه قدر الامكان لتقليل حجم ارباحه السياسية خصوصا انه مقبل على تراجع سياسي بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون.
بدأ "التيار الوطني الحر" التمهيد لخطاب اعلامي وسياسي منظّم يعارض ان تتسلم حكومة تصريف الاعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية، واللافت في خطاب "التيار" وحججه انه لا يركز على الاسباب الدستورية التي يحاول نبشها بسرعة، بل على الاسباب الميثاقية المرتبطة بالموقع المسيحي الاول واحترامه وعدم جواز تخطيه بهذه الطريقة.
حجة "التيار" الميثاقية تعطيه هامشا واسعا من المناورة السياسية والاعلامية لانه يعتقد، ان التلويح بالحقوق الطائفية يمكن ان يحول الاستنزاف الذي تعاني منه معظم القوى السياسية بسبب الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي الى كسب شعبي في ساحته المسيحية بسبب خوضه معركة الحقوق ،كما سيحاول تصويرها.
بإعتقاد "التيار" ان خوض مثل هذه المعركة اعلاميا وسياسيا، واظهار ان زعماء الطائف يحاولون اعادة عقارب الساعة الى الوراء، سيحسن شروط رئيسه جبران باسيل التفاوضية المرتبطة بالمعركة الرئاسية، وستكون لديه القدرة والنفس الطويل على الاستمرار بالكباش السياسي اكثر من خصومه، لان ضغط الوقت لن يصيبه بل سيعزز موقعه وشعبيته.
من هنا، وبحسب مصادر مطلعة فإن خصوم باسيل يسعون الى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لعدم الوقوع ضحية اي ابتزاز سياسي لاحقا يجعلهم مضطرين لتقديم تنازلات غير ضرورية. لذلك فإن اسهم تشكيل الحكومة ارتفعت مجددا بعد العرض الجدي الذي قدمه الرئيس نجيب ميقاتي والذي لن يمس عمليا بحصة رئيس الجمهورية الحالية في الحكومة.
يطمح باسيل ربما لان تتماشى الحملة السياسية والاعلامية التي سيتم اطلاقها تحت عنوان الميثاقية وضرب صلاحيات رئاسة الجمهورية، مع مرحلة الفراغ الدستوري والحديث عن التعديلات الدستورية ما يعطيه زخما شعبيا مسيحيا يمكنه من الدفع نحو طاولة حوار تأسيسية تعيد انتاج النظام اللبناني او تعديله.
في المقابل يحظى رئيس الحكومة المكلف بتسهيلات جدية من قوى سياسية متعددة مثل الحزب التقدمي الاشتراكي والثنائي الشيعي من اجل انجاز التشكيلة ومنع الفراغ الذي قد يدخل البلاد في نقاش ميثاقي هو في غنى عنه.