تتكرّر حالات انسحاب رياضيّين لبنانيّين من بطولات عالميّة، بسبب مواجهتهم لاعبين إسرائيليين.
هذا الأسبوع، انسحبت بطلة لبنان في لعبة الشّطرنج، نادية قاسم فوّاز، من خوض منافسات الجولة الرّابعة من مهرجان أبوظبي الدّولي المفتوح للشّطرنج، رفضًا منها لمواجهة اللّاعب الإسرائيلي إيليا غروزمان.
وسبق ناديا، انسحاب شربل أبو ضاهر، من بطولة العالم للفنون القتاليّة المختلطة (MAA)، في أبوظبي، رفضًا لمواجهة لاعب إسرائيلي أيضًا.
إشادات بالجملة!
خطوة ناديا وشربل لاقت تفاعلًا إيجابيًّا على مواقع التّواصل الاجتماعي، حيث أشاد المتابعون بموقفهما، وكتب أحدهم "عندنا في لبنان الأطفال تساوي كلّ الأنظمة العربيّة، أطفالنا يدافعون عن فلسطين بكلّ السّبل المتاحة لهم".
حتّى أنّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله أشاد بخطوة ناديا وشربل، قائلًا في خطابه الأسبوع الماضي، إنّ "رهاننا هو على الشّبان من أمثال شربل أبو ضاهر وناديا فوّاز، اللذين رفضا اللّعب مع الإسرائيلي". وكان سبق وأشار نصرالله إلى أنّ "اللّبناني شربل أبو ضاهر يؤكّد أنّ المقاومة عابرة للطّوائف".
كما لاقت خطوتهما ترحيبًا من وزير الشّباب والرّياضة في حكومة تصريف الأعمال جورج كلّاس، الّذي لفت إلى أنّ "ما فعلاه مُهدى لكلّ من وقف عند حدود كرامة الوطن، فالرّياضة منافسة، لكنّها أيضًا مواقف وأخلاق قبل كلّ شيء".
وتوجّه إليهما بالقول: "خرجتما بفوز كبير أهمّ من التّتويج، وبه دخلتما القلوب دون استئذان".
تفادي المواجهة غير ممكن
بالعودة إلى العام 2016، وعند افتتاح دورة الألعاب الأولمبيّة في ريو دي جانيرو في البرازيل، حاول أعضاء البعثة الإسرائيليّة دخول الباص الخاص بالبعثة اللّبنانيّة، للانطلاق إلى ملعب ماريكانا حيث يُقام الافتتاح، فما كان من رئيس البعثة اللّبنانيّة وقتها سليم الحاج نقولا، إلّا ان طردهم؛ ما حال دون تمكّنهم من دخول الباص.
في ذلك الموقف، كان القرار للمسؤول اللّبناني بعدم قبول مشاركة البعثة الإسرائيليّة، لكن ماذا عن الوضع خلال الموجهات؟
عن المواجهة بين اللّاعبين اللّبنانيّين والإسرائيليّين، أوضح النّائب السّابق لرئيس اللّجنة الأولمبيّة اللّبنانيّة، سليم الحاج نقولا، لـ"لبنان 24"، أنّ "أحيانًا لا يمكن تفادي المواجهة بين اللّاعبين اللّبنانيّين والإسرائيليّين، خاصّةً أنّ مبدأ المشاركة بالبطولات الدّوليّة والدّورات الكبرى، كالأولمبيّة أو بطولات العالم أو القاريّة أو المتوسطيّة، هو بحدّ ذاته قبول باللّاعب الخصم؛ مهما كان عرقه أو لونه أو دينه أو انتماؤه".
وعن احتمال وجود خطوات استباقيّة لمنع حصول المواجهة فالانسحاب، ذكر الحاج أنّ "من الصّعب استباق المواجهة، لناحية معرفة سلفًا من سيفوز ويتأهّل للمنافسة في تصفيات البطولة".
وأضاف أنّ "بالنّسبة إلى القرعة، لا يجوز حُكمًا اللّعب بمجرياتها، لمنع التّلاقي بين الطّرفين، وهنا يحصل الانسحاب أو عدمه".
وعن كيفيّة انعكاس الانسحابات على مركز لبنان في أيّ بطولة، شرح الحاج أنّ "الانسحاب من أيّ بطولةٍ أو دورةٍ يعرّض مركز اللّاعب أو المنتخب للخسارة، وأحيانًا يتمّ اعتبار الشّخص المنسحِب كأنّه خارج المنافسات كليًّا، أيّ أنّه لم يشارك بها بالأصل؛ وقد يتعرّض المنسحب للعقوبة الماليّة وحرمانه من المشاركات المقبلة"، متابعًا أنّه "يمكن أيضًا أن يخسر المنسحِب المواجهة الواحدة المحدّدة فقط، وهذا يعود لمنظّمي كلّ بطولةٍ أو دورةٍ، وفقًا لشروطها".
قرار الانسحاب
أكّد الحاج أنّ "قرار الانسحاب يعود للّاعب نفسه أو لمدرّبه أو لرئيس البعثة"، مذكّرًا بأنّ "لبنان يعتبر إسرائيل عدوًّا ومحتلًّا ولا يعترف بها كدولة، ولا يوجد تطبيع علاقات معها على المستويات كافّة، وبالتّالي لا تجوز المنافسة ولا المصافحة ولا الكلام المباشر مع لاعبيها".
وطنيّة؟
بعد كلّ قرار انسحاب من مواجهة لاعبين إسرائيليّين، تتمّ الإشادة باللّاعب وبوطنيّته، وشدّد الحاج نقولا هنا، على أنّ "للانسحاب مدلولاته الوطنيّة، والالتزام بقرار الدّولة اللّبنانيّة هو واجب وطني على كلّ لبناني، ويدلّ على رسالة واضحة لاحترام مواقف لبنان الأساسيّة والمبدئيّة والثّابتة نحو إسرائيل، إذ لا مجال للتّعامل معها مهما كانت الأسباب والموجبات".
واستذكر ما جرى معه في العام 2016، لافتًا إلى أنّه "كان من واجبي كرئيس للبعثة اللّبنانيّة طردهم ولو بالقوّة، خاصّةً وأنّ موقفنا معادٍ لهم، حتّى في أهمّ حدث رياضي عالمي على الإطلاق".
بالمحصّلة، تتربّع "الوطنيّة" على عرش كلّ المواجهات، فصحيح أنّ اللّاعبين الرّياضيّين خسروا جولةً، لكنّهم ربحوا دعمًا وطنيًّا من شريحة لبنانيّة واسعة.