تقاربُ أطراف سياسيّة عديدة "الحرب" التي شنّها رئيس مجلس النواب نبيه برّي مؤخراً ضدّ "التيار الوطني الحر" وعهد رئيس الجمهورية ميشال عون، إذ إن لهذا الأمرِ أثرا بارزا وكبيرا على مختلف الملفات الأساسية لاسيما انتخابات رئاسة الجمهوريّة وملف تشكيل الحكومة.
ورغم تلك الحرب التي أطلقها برّي، أصرّ "الوطني الحر" على عدم "الإشتباك" في الوقت الراهن مع رئيس المجلس النيابي عبر إطلاق تصريحات مُضادة، وقد جاء هذا الأمر لأسبابٍ كثيرة فرضتها المرحلة الراهنة. إلا أنه وعلى ما يبدو، فإن "الهدنة" التي أرادها "الوطني الحر" لن تستمرّ طويلاً، إذ من المقرر أن يُدلي رئيس التيار النائب جبران باسيل بتصريحٍ يوم الثلاثاء المقبل (6 أيلول)، يتضمنُ خطاباً موجهاً باتجاه برّي و "أمل" والحلفاء الآخرين.
وفي ظلّ ذلك، فإنه لا يمكن أبداً حسمُ تداعيات ما سيطلقه باسيل من مواقف ضدّ بري، إذ من الممكن أن تجنح الأمور نحو "الاستفزاز " السياسي، في حين أنه من الممكن أيضاً أن ينتهي التصعيد الكلامي عند حدود التصريحات الأخيرة في ظلّ استمرار التباعد السياسي.
وفي وقتٍ سابق، كان باسيل أطلق تصريحاً في ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير، إذ قال: "صار وقت نتفق على نظام جديد لوطن واحد"، وأضاف: "نحنا حاملين مشروع كامل بالسياسة والاقتصاد، بس ما قادرين ننفذه وحدنا. أنزعوا الحقد عنكم، و خلّينا نجمع على مشروع خلاص للبنان الكبير".
وهنا، اعتبرت أوساط مُراقبة أنّ المقصود من كلام باسيل إثنان: حركة "أمل" و"القوات اللبنانية"، وهما المتهمتان من قبل "التيار" بالمباشر بأنهما "ما خّلو" العهد يشتغل.
في غضون ذلك، يقول مصدرٌ سياسي لـ"لبنان24" إنّ "برّي استطاع أن يفرِض معادلة جديدة من حيث المضمون والتوقيت ضدّ التيار الوطني الحر، وذلك من خلال تطويقهِ سياسياً في مرحلةٍ حرجة في عهد عون"، ويضيف: "خطابُ برّي كان مُركزاً ولم يفتح أيّ مجالٍ للوطني الحر بالتحرّك على الرغم من حضور ممثل له في الاحتفال. هنا، تكمن المفارقة، وقد تكون دعوة "الوطني الحر" للمشاركة في الاحتفال هي رسالة بأنّ بري يواجهُ بشكل مباشر ويُسمِعُ خصومه موقفه المتصاعد من دون أن يخشى أحداً".
وتابعت: "أما الأهم من كل ذلك هو أنّ "التيار" لن يبادر إلى الرّد على بري لسبب أساسي وهو أنّ أي انغماسٍ حالياً في معركة ردود وردود مضادة بين الطرفين لن تكون في صالح "التيار". كذلك، فإن الأخير لن يتمكن من ممارسة دور الدفاع عن نفسه في آخر أيام العهد باعتبار أن هناك إمكانية لوجود تقاربٍ جديد في وقتٍ لاحق قد يُمهد لتسوية ما. هذا الأمرُ يراهن عليه الوطني الحر، لكن برّي ينأى بنفسه عن أيّ أمرٍ في المرحلة الحاليّة، ولهذا لا تقارب ولا تسوية ولا اتفاق، والهدف هو عدم منح رئيس الوطني الحر جبران باسيل أيّ أرضية يشكل برّي أساساً لها".