Advertisement

مقالات لبنان24

موازنة "السلق بسلق": جردة حساب أم استراتيجية مالية؟

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
30-03-2018 | 05:35
A-
A+
Doc-P-456521-6367056439980474581280x960.jpg
Doc-P-456521-6367056439980474581280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لا يتوانى أهل السلطة عن وصف ما حصل بالأمس في مجلس النواب بأنه "إنجاز العام 2018"، مع العلم أن الالتزام بانتظام المالية العامة ووضع الخزينة العامة على السكة السوية دستورياً ومالياً هو من أولويات عمل الحكومة والمجلس، وأن التعوّد على استنزاف المال العام والصرف من خارج الموازنات هو المخالف لأبسط واجباتهما! إقرار مجلس النواب مشروع موازنة العام 2018، بأكثرية ضعيفة هي 50 نائباً ومعارضة 2 وامتناع 12 (بنصاب 63 نائباً وغياب 63 نائباً لانشغالهم بما هو أهم وأولى وأعظم ربما!!)، بمثابة عملية "السلق بسلق" بحسب وصف أحد النواب، لكن استعجال الحكومة والمجلس في إقرار الموازنة تحت ضغط الوقت المتبقى لمؤتمر "سدر"، يطرح شكوكاً ويثير أسئلة لجهة تمكّن الحكومة، أو التي ستليها في حال حصلت الانتخابات، من تحقيق الاصلاحات التي تعهدت بها، ولجهة السياسات الاصلاحية التي طرحتها. يحق لمكونات الحكومة وللجنة المال والموازنة التباهي بأن ما أنجز يصوّب البوصلة المالية للدولة، ويمضي بها على سكة الإصلاح والنمو ويرشق الأعباء المالية المُلقاة على عاتقها ويمثل خطوة على طريق الاستنهاض واستعادة الثقة، لكن الصواب أيضاً أن المخاوف من الإفلاس حقيقية وواقعية بشهادة مؤسسات النقد العالمية، وكل خبراء المال والاقتصاد يدركون ذلك، وأن المضي في تطبيق مكافحة الفساد ومنع الهدر تشوبه شكوك عميقة. فالموازنة التي أنجزت على عجل، بحسب خبراء ماليين واقتصاديين، "تفتقر إلى رؤيةٍ ماليّة واستراتيجيةٍ اقتصادية وتَصَوُّرٍ لنهضة لبنان، وهي كناية عن جردةِ حساب للسنة، مداخيلَ مع مصاريف، في حين أنّها يُفترض أن تكون بمثابة استراتيجية مالية للدولة على مدى سنوات تتضمّن إصلاحات بنيوية، خصوصاً أنّ لبنان بلا موازنة منذ أعوام عدة"! وهذا واقع لا يمكن دحضه أو التغاضي عنه. التشريع المستعجل لا يخفى أنّ الحكومة استعجَلت الموازنة بسبب مؤتمر "سيدر" الشهر بعد نحو أسبوع، وهذا من حقها، لكن ما قيمة "سيدر" طالما الحكومة ذاهبة؟ وكان يمكن أن ينعقد هذا المؤتمر بعد الانتخابات لكي تتولّى الحكومة الجديدة تنفيذ ما يتّفق عليه في المؤتمر، هذا إن حصلت الانتخابات. قبل الذهاب للمؤتمر لنيل ثقة المجتمع الدولي، تُسأل الحكومة هل أمّنت الكهرباء، وهل فعلاً كافحت أو تريد مكافحة الفساد، أين هي من البطالة، وتفاقم أزمةِ النازحين وتضخم المديونية العامة؟ كيف يمكن تصديق الكلام عن محاربة الفساد ولا يفتأ وزراء في الحكومة يشنون الحرب على إدارة المناقصات لعدم موافقتها على صفقات تشوبها شبهات فساد وسمسرة، ألا يعتبر هذا ضرباً لأهمّ مرجعية يمكن اللجوء إليها لتأمين الشفافية؟ المجتمع الدولي ليس كاريتاس يحتار المراقب لوقائع جلسة مناقشة الموازنة العامة، وما نتج عنها، بين من يطالب بمكافحة الفساد وهو في الوقت ذاته يمارسه أو يغطيه إلى أبعد حدود، بين من يخشى من انهيار الدولة من باب انهيار ماليتها وبين من يستغل ما حصل لتدعيم حملته الانتخابية. قد يكون إقرار الموازنة في واقع الأمر بمثابة إعطاء الحكومة براءة ذمة للاستدانة، وهي ستفعل بلا خجل أو خوف، لكن السؤال العميق هل يمكن خداع المجتمع الدولي بمقولات محاربة الفساد للحصول على قروض وهبات أو أن لهذا المجتمع الدولي، وهو حتماً ليس جمعية خيرية، غايات أخرى من تظاهره بتصديق ما يقال ويطرح ويرفع من شعارات؟ هل فعلا ثمة من يصدق أن السلطة في لبنان قادرة على مكافحة الفساد فضلاً عن وقفه أو على ملاحقة الفاسدين؟
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك