مرة جديدة تدفع النجمة المصرية شيرين عبد الوهاب، ضريبة عفويتها، ولكن هذه المرة لم تتحدث شيرين عن مياه النيل، ولا عن هامش الحرية في بلدها، هذه المرة لم تتعب بصوتها لا السلطة ولا النقابة، لم تتعب أحداً بالمطلق.. بل اندفعت بطيبة إنسانة تابعت حرائق لبنان التي أتت على العديد من المساحات الخضراء وهجرّت أهلها، تابعت اللون الأحمر الذي اجتاح جبال لبنان وسهوله، فأرادت أن تدعم الشعب الذي أحبّها وأحبّ صوتها وتضامن معها في كل مرة اضطهدت فيها، لتعلن عن حفل في لبنان يعود ريعه للمتضررين من الحريق.
شيرين التي تماهت مع الوجع اللبناني بتغريدتها، والتي تفوقت إنسانياً على بعض الفنانين اللبنانيين، وتفوقت على طائفية بعض السياسيين، أثارت الجدل، في ما لا مجال للجدل، ولكن يبدو أنّ صوت شيرين يُزعج، وأنّ هناك من يريد لها أن تصمت أن تحتجب، أن يخفت ضوؤها، وأن تتحول إلى "روبوت" يؤدي مهمته بالغناء وإسعاد الحاضرين، بعيداً عن مواقفها، عن مشاعرها، عن روحها وعن إنسانيتها.
تغريدة شيرين لاقت إعجاب اللبنانيين، الذين قابلوها بالمحبة ذاتها، غير أنّ التعليقات الصادرة عن مغردين دول أخرى، قست على شيرين، قست على طيبتها، فهناك من اتهمها بالمبالغة والدعاية، وهناك من دعاها لرؤية وجع العراق وسوريا، أما الأسوأ فالذي شكك بوطنيتها مطالباً إياها بحصر المساعدة بهم!
هذه التعليقات التي حمّلت شيرين ما لا طاقة لها عليه، دفعتها لاعتزال مواقع التواصل، فقالت في بيان صادر عنها:
"أنا متأكدة أن الأغلبية متصالحون مع أنفسهم ومحترمون، ولو كنت أنا أنظر للناس الذين يكرهون أنفسهم ويكرهون نجاح الآخرين ولا يعجبهم حاجة، لم أتقدم في حياتي ولم أحقق شيئا.
اليوم نشرت تغريدة لأجل لبنان، أحببت أن أساعد بأي طريقة أقدر عليها، وهي من خلال صوتي.أنا لست طبيبة أو مهندسة وهذا ما يمكن أن أساهم به، حتى لو قدمت المال فسيكون قليلا.
أردت أن أكون إيجابية وأقدم مساعدة، وعندما رأيت التعليقات على منشوري، اكتشفت أنه مهما فعل الإنسان فلن يعجب الناس، عدا عن أنهم قالوا إنني حملت وفقدت جنيني، مرة يزوجونني ومرة يقولون أنني لا أملك حسّ الانتماء لبلدي، لذا ولأنني شخص مغلوب على أمري، قررت إقفال جميع حساباتي على السوشيال ميديا حتى لا أؤذي نفسي والمتابعين الذين يقرأون تعليقاتي، أرجو من محبيني ألا يستاؤوا من موقفي لأنه أمر يريحني ويسعدني".
شيرين التي وقعت اليوم مجدداً ضحية بعض الناشطين الذين يظنون أنّهم بعدة حروف يستطيعون أن يتحكموا بالأخرين، أن يفرضوا عليهم خيارات، أن يلصقوا بهم التهم، قررت الابتعاد عن هذا الكوكب الالكتروني المريض..
غير أنّ الابتعاد ليس الحل، بل البقاء، المواجهة، فالمواقع ليست لهؤلاء المهووسين الذي يصنفون البشر، يفرزوهم وفقاً لهواهم، ليست للحمقى الذي لا هم له سوى رمي الشتائم هنا وهناك، مواقع التواصل ليست للمحاكم التي يقيمها من لا أهلية له.
مواقع التواصل هي مكان للتعبير، للصوت، والصوت لا أحد يقمعه..
عودي يا شيرين.. فأنت الضوء في وسط هذا الظلام.. لا تسمحي للأصوات الشاذة أن تسلبك صوتك.