تمكن العلماء من تتبع إشارة راديوية قوية قادمة من أعماق الفضاء إلى مصدرها، ما تركهم مذهولين بما اكتشفوه، حيث تتحدى النتائج النظريات الحالية حول أصل هذه الظواهر الكونية الغامضة.
ويبحث العلماء منذ سنوات عديدة عن تفسير للتدفقات الراديوية السريعة (FRB)، وهي انفجارات طاقة قصيرة جدا وقوية للغاية تأتي من أعماق الفضاء. وقد تراوحت التفسيرات المحتملة بين الثقوب السوداء وحتى التكنولوجيا الفضائية المتقدمة.
والآن، تمكن العلماء من تتبع إحدى تلك التدفقات إلى مجرتها الأصلية، ليجدوا أنها تنبعث من مجرة قديمة وميتة بالإضافة إلى أنها غريبة الشكل، ما يتحدى الفهم الحالي لمصادر هذه الإشارات الغامضة.
وفي السابق، عثر العلماء فقط على التدفقات الراديوية السريعة قادمة من مجرات أصغر سنا. لذا، يتناقض الاكتشاف الجديد مع الفهم الحالي للعلماء حول الأماكن التي قد تأتي منها تلك التدفقات.
وفي شباط 2024، رصد العلماء تدفقا راديويا سريعا أطلق عليه اسم FRB 20240209A، والذي استمر في التوهج حتى يوليو من العام نفسه، ما سمح لهم بتحديد موقعه في السماء. وعند توجيه التلسكوبات نحو المصدر، تفاجأ العلماء باكتشاف أن الإشارة تأتي من مجرة قديمة جدا، يبلغ عمرها 11.3 مليار سنة، وتقع على بعد ملياري سنة ضوئية من الأرض.
وقام العلماء بمحاكاة الظروف التي قد تكون موجودة في تلك المجرة. وأظهرت المحاكاة أن المجرة تتمتع بسطوع هائل وكتلة ضخمة تزيد 100 مليار مرة عن كتلة الشمس، ما يجعلها أكثر مجرة مضيفة للتدفقات الراديوية السريعة كثافة تم اكتشافها حتى الآن، وأحد أكثر المجرات ضخامة على الإطلاق.
ويتحدى هذا الاكتشاف النظريات السابقة حول مصادر التدفقات الراديوية السريعة، حيث كان يعتقد أنها تنبعث فقط من مجرات نشطة وشابة.
ويقول العلماء إن هذا الاكتشاف يشير إلى أن هذه الظواهر الكونية الغامضة يمكن أن تأتي من مصادر أكثر تنوعا مما كانوا يعتقدون.
وقالت وين-فاي فونغ، عالمة الفلك من جامعة نورث وسترن والمؤلفة الرئيسية لدراستين حول هذا الاكتشاف: "هذا التدفق الراديوي السريع الجديد يظهر لنا أن الكون قادر على مفاجأتنا دائما، حتى عندما نظن أننا فهمنا ظاهرة فلكية معينة. هذا الحوار مع الكون هو ما يجعل علم الفلك الزمني مثيرا للغاية".
نشرت تفاصيل هذا الاكتشاف في ورقتين بحثيتين جديدتين في مجلة The Astrophysical Journal Letters.