إذا كان وصول المنتخب المغربي للدور ربع النهائي لبطولة كأس العالم 2022 هو الإنجاز التاريخي الرياضي كأول منتخب عربي يحقق هذا الانتصار في تاريخ المونديال الذي انطلق قبل 92 عاماً، فإن أسود الأطلس حققوا إنجازاً آخر على المستوى الاقتصادي، حيث تمكنوا من الانتصار على الفوارق الضخمة لـ "القيمة السوقية" بين الفريقين، والتي طالما كانت عاملاً نفسياً صعباً أمام المنتخبات العربية وهي تُقارع كبار منتخبات العالم.
فكيف تحقق ذلك؟
الإجابة جاءت من هاريس ماركونجا، الصحفي البوسني الذي قام بتغطية مباراة المغرب وإسبانيا لصالح قناة تي في وان سراييفو، حيث صرح أن المنتخب المغربي نجح في تحجيم المنتخب الإسباني بفضل الدفاع المنظم للمغرب الذي وقف بطريقة مثالية ومن ورائهم الحارس الرائع ياسين بونو وأفقدوا منتخب إسبانيا أهم قدراته وهي الاستحواذ على الكرة.
وأضاف ماركونجا، أن القيمة التسويقية للمنتخبين لم تظهر على أرضية الميدان، كما تظهر في الصحف ووكالات الأنباء، موضحاً أن الشكل العام في الملعب ظهر متساوياً بين المنتخبين من حيث الجودة في أداء اللاعبين.
على جانب آخر، عبر الصحفي البوسني عن دهشته من انتقادات الجماهير والإعلام المغربي التي طالت المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش، مدرب المغرب السابق، بسبب طريقته الدفاعية البحتة وعدم استدعاء نجمي الفريق مزراوي وزياش، حيث تمت إقالته على خلفية ذلك على حد قوله، مضيفاً أن المثير للدهشة أن الدفاع المغربي هو من أوصل المنتخب إلى ربع النهائي حيث لم يتمكن منتخب إسبانيا ومن قبله بلجيكا وكرواتيا من اختراقه والهدف الوحيد تلقوه على يد منتخب كندا في دور المجموعات.
أما الصحفي وديع المودن، مدير النشر في موقع 360 المغربي، فقال إن المنتخب المغربي يجني ثمار مجهودات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بقيادة "فوزي لقجع" التي قامت بدعم فرقها المحلية ولاعبيها بكل الوسائل المادية والتقنية ووفرت كل شيء بدعم القيادة السياسية في البلاد لدعم جميع الأندية الوطنية.
وأضاف المودن، أن الجامعة الملكية قامت بدعم ملاعب كل الفرق المحلية وسهلت عمليات تمويل وتطوير تلك الملاعب، وترافق ذلك مع المجهود المبذول بدعم الأندية بإنشاء أكاديميات لكرة القدم مثلما حدث مؤخراً مع فريق الرجاء، مشيراً إلى أن هذه الكوكبة من نجوم المغرب خصوصاً المحترفين في أكبر الأندية الأوروبية هم نتاج التكوين في الكرة المغربية والبطولات الوطنية في المغرب، ولفت المودن إلى الدور الكبير الذي تقوم به أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في تطوير اللاعبين ومنها خرج النجمين "عز الدين أوناهي" و"يوسف النصيري" و"حمزة منديل" إلى أكبر الأندية في أوروبا.
ماذا يفعل زياش بالمكافآت؟
وكشف المودن عن قيام بعض النجوم على رأسهم "حكيم زياش" نجم تشيلسي الإنكليزي والمنتخب المغربي بتوزيع مكافأت الفوز التي يحصل عليها دائماً مع منتخب بلاده على الجمعيات الخيرية أو الطاقم التقني، حيث أن الحافز الأساسي للاعبين يتمثل في رفع راية بلادهم في المقام الأول.
لقجع يحل أزمة التذاكر
وكانت الجماهير المغربية التي سافرت إلى قطر قبل مباراة إسبانيا في ثمن النهائي واجهت عقبة كبيرة بعدم وجود تذاكر دخول المباراة، فقامت الجامعة المغربية لكرة القدم برئاسة "فوزي لقجع" بتوزيع أكثر من 11 ألف و500 تذكرة مجانية للجماهير من حاملي جواز السفر المغربي أو بطاقة تعريفية.
وأظهرت مقاطع فيديو على تويتر بثتها جماهير مغربية في الدوحة عن إعلانات تفيد بتوفير الجامعة تذاكر مجانية للجماهير منها 5 آلاف تذكرة تم توزيعها عند غيت مول Gate Mall في العاصمة القطرية الدوحة، كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى للجماهير المغربية تلقيهم تذاكر مجانية للمباراة عند مدخل ملعب المباراة وفرتها الجامعة الملكية.
القيمة السوقية قبل المباراة
وكان موقع ترانسفير ماركت المتخصص في تقييم المنتخبات والأندية حول العالم من حيث القيمة السوقية قد أوضح أن القيمة السوقية للمنتخب المغربي هي 241 مليون يورو مقابل 877 مليون يورو للمنتخب الإسباني، ويعتبر منتخب أسود الأطلس هو أعلى المنتخبات العربية التي شاركت في المونديال من حيث القيمة السوقية، إذ يأتي نجم باريس سان جيرمان الظهير الأيمن أشرف حكيمي على رأس أعلى اللاعبين المغاربة في القيمة السوقية بـ65 مليون يورو.
ويحتل المدرب الإسباني لويس إنريكي المركز السادس عشر على قائمة مدربي مونديال 2022 الأعلى أجراً بمليون و150 ألف يورو، فيما جاء المدرب المغربي وليد الركراكي في المركز الحادي والعشرين براتب يصل إلى 700 ألف يورو سنوياً
17 مليون دولار للمغرب
هذا وضمن المنتخب المغربي الحصول على مبلغ 17 مليون دولار من الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، وفقاً للجوائز المالية التي سبق وأعلن عنها الاتحاد الدولي للعبة، حيث يحصل كل منتخب وصل إلى الدور ربع النهائي على هذا المبلغ وهو قابل للزيادة إلى 25 مليون دولار لو حصل المنتخب المغربي على المركز الرابع أو 27 مليون دولار لو اقتنص المركز الثالث، أما في حال وصوله للمركز الثاني فسيحصل على 30 مليون دولار، فيما يحصل بطل المونديال الحالي على 42 مليون دولار.
انتعاش المقاهي والكافيهات في المغرب
وفور إعلان فوز المغرب على إسبانيا، انطلقت الاحتفالات في شوارع المدن المغربية، التي قرر أصحاب المقاهي فيها مد العمل حتى الساعات الأولى من فجر الثلاثاء تلبية لاحتياجات الجماهير من المشروبات والطعام خلال ساعات الليل.
محمد رشيد صاحب أحد المقاهي في مدينة الرباط قال لـ" اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن الجماهير المغربية التي خرجت للاحتفال في الشوارع بهذا الفوز التاريخي سهرت حتى الساعات الأولى من الفجر وازدحمت المقاهي ولم نفكر في المكاسب المالية وسط هذه الفرحة، مضيفاً أنه طلب من عمال المقهى توفير أكبر قدر ممكن من المشروبات بعد نهاية الشوط الأول من الوقت الإضافي بعدما شعر باقتراب الفوز، مؤكداً أن بضاعته نفذت بالكامل.
وأكد رشيد أنه سيبدأ على الفور في تجهيز المقهى استعداداً لمباراة البرتغال في ربع النهائي.