مرعبة دائمًا فكرة النزوح... فليس سهلا أبدًا أن تترك خلفك منزلا ترعرت فيه، وتحمل معك فقط ذكرياتك منه! هذا تمامًا ما يحصل في لبنان الآن، فهذه الحرب التي تشنها إسرائيل على جنوب لبنان والبقاع وحتى الضاحية الجنوبية لبيروت، دفعت الآلاف من اللبنانيين لحمل ما استطاعوا معهم، منهم من حمل أغطية وفرشا في سيارات النقل، ومنهم من حمل ثيابه وحاجاته الخفيفة وسط حيرة وسؤال واحد: "وين بدنا نروح؟".
الجواب على هذا السؤال صعب أيضًا، منهم من وصل إلى مراكز الإيواء والمدارس التي فُتحت للنازحين، ومنهم من وصل إلى بيوت للإيجار أو للضيافة، وبعضهم اضطرّ لافتراش الأرصفة، ومنهم من لم يصل!
أرقام النزوح بسبب القصف الإسرائيلي الذي يشتدّ يومًا بعد يوم، مخيفة جدًا، إذ اضطرّ حوالي مليون و400 ألف شخص إلى مغادرة المناطق المستهدفة بالقصف الإسرائيلي. وهذه الموجة شلّت معظم القطاعات في لبنان ومنها القطاع الرياضي، اذ اضطرّ اللاعبون واللاعبات والمدرّبون والمدرّبات الابتعاد قسرًا عن كرة القدم، أو السلّة وعن الأندية والتمارين والتدريبات.. هذا ما يزُعجهم ويُزعج اللاعبة ومدرّبة كرة القدم آية عاصي. فصاحبة الـ 22 سنة التي بدأت كلاعبة مع فريق نجوم الجنوب في عام 2018 ثم مع فريق الأنصار في عام 2022، نزحت مع عائلتها من بلدتها أنصار الجنوبية إلى عانوت إحدى قرى قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان.
المفاجأة تكمن بأن عاصي المؤثرة على مواقع التواصل الإجتماعي، وتحديدًا على تطبيق "تيك توك"، رفضت مغادرة منزلها في الجنوب رغم شدّة وتيرة القصف الإسرائيلي إلا بشرطٍ واحد، "حمل قمصان برشلونة معها". وفعلا نزحت آية ونجت من القصف العنيف و"معها قمصان فريق برشلونة، فهذه الأغلى على قلبها"، وفق ما روته لـ "لبنان 24".
وتحدثت الشابة اللبنانية عن هذه التجربة، وقالت: "في منزلي، هناك خزانة خاصة ببدلات الرياضة. وعندما اشتدّ القصف، لجأت فورًا لبدلات برشلونة الذي أشجعه منذ عام 2014، ورحلت معهم ومع ذكرياتهم التي أحبها".
ربما صدم البعض ما فعلته آية، لكن هذه القمصان التي تحمل قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة لها، واستطاعت حملها من بين كل أغراضها الشخصية، تشرح ألم الفقدان وبعد الإنسان عن بيته وذكرياته. فبالطبع الألم لم يكن فقط لفقدان جدران المنزل، بل للذكريات التي كانت محفورة في كل زاوية منه.
آلام البعد عن المنزل والحي والأقارب والرفاق هذه، ستبقى مستمرّة اذا طالت الحرب. لكن آية الحائزة على Diploma C,D من الإتحاد اللبناني لكرة القدم، لن تستسلم أبدًا، إذ ستلجأ وفق ما قالته لـ "لبنان 24" رغم حالة الضياع التي تصيب النازحين جرّاء الحرب، إلى تدريب الأولاد والأطفال في مكان إقامتها الحالي، أو ربما تلجأ إلى فتح مركز تدريب لمتابعة عملها.