Advertisement

مقالات لبنان24

نقشت Take me out "يفضح" المجتمع!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
26-01-2017 | 10:44
A-
A+
Doc-P-262628-6367055062841949131280x960.jpg
Doc-P-262628-6367055062841949131280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
قد لا يكون من سوء حظ برنامج "نقشت" (LBCI) بل ربما من حسنه، أنه بات "حديث الساعة" وشاغل الخلق والعباد. نالت النسخة العربية من البرنامج البريطاني Take me out ترويجاً مجانياً كبيراً، ما دفع بأشخاص لم يسمعوا به من قبل إلى "برمجة" آحادهم بشكل يمكنهم من متابعة الحلقات التي باتت تُعرض بعد نشرة الأخبار تماماً. منذ بدء عرض البرنامج (إعداد رولا سعد وإنتاجها، إخراج باسم كريستو وتقديم فؤاد يمين) على الشاشة، والأقلام، كما مفاتيح "الكيبورد"، في قمّة سخائها. قيل الكثير وكتب أكثر، مع ميل الدفّة إلى السلبي أكثر من الإيجابي، وصولاً إلى تقديم إخبار الى النيابة العامة التمييزية في بيروت ضد المؤسسة اللبنانية للارسال ومقدم البرامج بجرم "الاساءة لسمعة الشعب اللبناني وانتحال صفة والتحقير والتعرض للآداب العامة"، (إخبار تقدّم به المحامي وسام محمد المذبوح بعد مشاركة أحد المحامين)،وحلول "نقشت" ضيفاً على جدول مناقشات لجنة "الإعلام الإتصالات النيابية". لم ير معظم المشاهدين في البرنامج ذي الطابع الترفيهي سوى إمعاناً في خدش الحياء العام وتشويه صورة المرأة اللبنانية، إلى حدّ إغراقه في توصيفات "متطرفة" على شاكلة "كاباريه منزلي" و"سوق النخاسة" و"مسرح للدعارة". لم يرق لهؤلاء تضمّن البرنامج هذا الكمّ من الإيحاءات والتعابير الجنسية، فثاروا كما فعلوا سابقاً مع برامج أخرى نذكر منها LOL الذي كان يُعرض على OTV. هذه هي حال المجتمع اللبناني عموماً، شئنا ذلك أم أبينا. لا يزال موضوع الجنس، حتى وإن كان إطاره علميّاً وتوعوياً بحتا، من ضمن "التابوهات". وقد يبدو هذا الأمر بالنسبة إلى شريحة من اللبنانيين بمثابة تجسيد فاضح لازدواجية المعايير، سيّما وأن الشعب اللبناني يُعدّ أكثر تحرراً من شعوب هذه المنطقة في الشرق، لا بل انه "مدمن" على اقتباس عادات الغرب وتقاليده في مختلف المجالات، ليس أقلّها تصوير "فيديو كليبات" بالبيكيني أو في السرير. لكن لنكن صريحين. الاعتراض لم يكن، في حقيقته، على ايحاءات جنسية يتضمنها برنامج محليّ باعتبارها لا تحاكي الذائقة العامة للمجتمع المحافظ، بل كان، أو لنقل تعزز، بسبب صدور هذه الايحاءات عن نساء! حين يُقال أن "نقشت" يشوّه صورة المرأة اللبنانية ويُفسد الأجيال القادمة، فهذا بمثابة اعتراف صريح وواضح بأن المشكلة ليست مع النكات "الملغومة" والمثيرة التي تحاكي الغرائز وتثير الشهوات، بل مع "فورما" هذا البرنامج القائم على فتيات يخترن شاباً، بكبسة زر، للمواعدة، بعد الإفصاح عن تجاربهنّ ورغباتهنّ الجسدية والنفسية! هذا ما عبّر عنه أكثر من شخص في محاولة لرفض سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال. الإعلامية ديما صادق قدّمت رايها فاعتبرت أن "المشكلة مع "نقشت" منها مشكلة قيم اخلاقية ضد "الفلتان الجنسي". وإلا، كانت قامت الحملة على مجدي ووجدي، القطرميز وغيرهن. مشكلتكم مع "نقشت" هي مشكلتكم مع حرية المرأة بجسدها، نقطة. ممنوع هي تحكي عن رغباتها. الشب هو اللي في. فيكن تصدقوا وفيكن لا، بس بلبنان فينا نسمح للـ"المثلي" يحكي عن حياتو ورغباته الجنسية، بس المرأة بعدنا ما ممنسمحلها". الناشط عماد بزي كتب بدوره على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" ما مفاده أن "الشباب يمارسون كل الحرية في التعبير عن مشاعرهم وما يراودهم، من أبسط الأشياء كتناول القهوة، حتى أعقدها حميمية مثل الرغبات الجنسية"، لافتاً إلى أنهم يقابلون بضحكات وقهقهات في حال استخدموا لغة تتضمن ايحاءات أو تعابير جنسية، فقط لأنهم شباب. وخلص بزي إلى أن "ذلك يتكرر مع مختلف البرامج التي تستضيف الذكور، اما إذا إستضاف فؤاد يمين مجموعة من النساء، وتكلمن علناً عن تفضيلاتهم الجنسية وتغزلوا بالرجال تقوم الدنيا ولا تقعد! ليس لأنه فؤاد يمين، ولا لأنها المؤسسة اللبنانية للإرسال، إنما من باب وقح صراحة يتجلى في تعابير من وكلوا أنفسهم قيمين على الأخلاق، لتفيض انتقاداتهم من منطلق "بناتنا" أو "صورة نسائنا في الخارج" أو "المرأة اللبنانية" أو "فضحتونا". الموقفان المذكوران اللذان يمثلان وجهة نظر شريحة من اللبنانيين، يؤكدهما صمت المعترضين على "نقشت" إزاء برامج أخرى تعرض راهناً على الشاشات وتحوي "جرعة" كبيرة من الإثارات الجنسية، مع فارق بسيط يتمثل بصدورها عن رجل. في كلّ الأحوال، نجح برنامج "نقشت" في نقل صورة المجتمع اللبناني على حقيقتها. هذا المجتمع "الفسيفسائي" الذي لا تجمعه رؤية موّحدة، المزدوج المعايير، الطامح الى المساواة والحريات، المحافظ المتمسكّ بموروثات وقيم الى حدّ تقديسها ومنع النقاش فيها، الذكوري، الثائر، المدافع عن القوانين والمخالف لها في آن... ونجح البرنامج في حصر النقاش بين حديّ معترض على الايحاءات الجنسية المبتذلة الصادرة عن نساء وبين معترض على المعترضين بسبب هذه الذريعة فقط. قلّة من تحدثت عن موضوع تسليع المرأة والرجل، أو عن ترسيخ القاعدة البالية التي تنصّ على أن الكلمة الأخيرة... للذكر. على أي حال يبقى البرنامج ترفيهياً شبيهاً بمضمونه بالكثير من البرامج الأخرى، حتى السياسية منها! على أمل أن تظلّ الحريات مصانة، وكذلك القوانين.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك