تدور الأرض؛ فيشاهد الكثير منا يومياً شروق الشمس وغروبها، بل ويُغرم البعض برصد تلك الأوقات وتناولها بشكل شاعري في سياقات مختلفة. والشروق والغروب سمتان تميزان الحياة على الأرض التي لا تكف عن الدوارن حول نفسها وحول الشمس، ذلك ما تفعله منذ تكونها، أي منذ ملايين الأعوام، وما ستظل تفعله حتى ينتهي العالم؛ على الأرجح عندما تتضخم الشمس وتتحول إلى نجم أحمر عملاق وتبتلعها. أليس علينا أن نتساءل؛ لماذا تدور الأرض؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرف أولاً كيف تكونت الأرض:
تكون كوكبنا من قرص من الغاز والغبار، أخذ في الدوران حول الشمس حين كانت نجماً حديثًاً. تكدس في هذا القرص فتات الغبار والصخور معاً لتكون الأرض.
وبمضي الوقت، واصلت الصخور الموجودة في الفضاء التصادم معها، تلك التصادمات كانت بمثابة قوى تسببت في دورانها. ولأن جميع الكتل الصخرية وما إلى ذلك في النظام الشمسي كانت تدور حول الشمس في الاتجاه نفسه تقريباً، فقد أدت التصادمات أيضاً إلى دوران الأرض هي ومعظم الأجرام الموجودة في النظام الشمسي في ذلك الاتجاه.
ويأتي هنا سؤال آخر، لماذا يدور النظام الشمسي منذ البداية؟ بالعودة إلى تكون الشمس، والمجموعة الشمسية، نعرف أنهما تكونا عندما انهارت سحابة من الغبار والغاز تحت وطأة ثقلها وجاذبيتها. تكثف معظم الغاز مكونًا الشمس، بينما احتوى القرص المكون للكواكب ما تبقى من مواد. قبل انهيار سحابة الغاز، كانت جزيئات الغاز وجسيمات الغبار تتحرك بطريقة غير منظمة، لكن في مرحلة معينة، صادف أن تحرك بعض الغاز أكثر قليلاً في اتجاه واحد محدد، متخذًا وضع الحركة الدورانية. وعندما انهارت سحابة الغاز فيما بعد، ازدادت سرعة دورانها.
ولأنه لا يوجد سبب في الفضاء لإبطاء حركة الأجرام، فبمجرد أن يبدأ جرم في الدوران، عادة ما يستمر على هذا الوضع. وبناءً عليه، فإن ما تعرض له النظام الشمسي الوليد من زخم الزاوي (قوى مؤثرة على الأجسام تجعلها تدور وتميل إلى الاستمرار في الدوران) تسبب في دوران جميع الكواكب في الاتجاه نفسه.
ومن المعروف أن جميع الكواكب تدور حول الشمس وحول نفسها عكس اتجاه عقارب الساعة باستثناء كوكب الزهرة فهو يدور حول نفسه باتجاه عقارب الساعة في حركة عكسية بالنسبة لحركة الأرض (يوجد فرضيات عديدة لتفسير ذلك منها: تعرضه لتصادم تسبب في قلب حركة دورانه)، كما أن محور دوران أورانوس مائل بزاوية 90 درجة (قائمة). وعلى الرغم من كل هذه الاضطرابات فإن كل شيء في الفضاء يدور في اتجاه أو آخر إذ إن الدوران هو سلوك جوهري تسلكه الأجرام الموجودة في الكون المرئي.
وتدور الكويكبات والنجوم والمجرات (يستغرق النظام الشمسي 230 مليون سنة ليكمل دورة واحدة حول مجرة درب التبانة). ومن أسرع الأجرام دورانًا في الكون أجرام تسمى النجوم النابضة، وهي عبارة عن جثث لنجوم ضخمة. بعض النجوم النابضة التي يبلغ قطرها حجم مدينة، يمكنها الدوران مئات المرات في الثانية.
كن دوران الأجرام يتباطأ؛ كانت الشمس تدور مرة حول محورها كل أربعة أيام في الوقت الذي تكونت فيه الأرض، لكن حالياً، تستغرق 25 يوماً لتكمل دورة كاملة ويرجع ذلك إلى تفاعل مجالها المغناطيسي مع الرياح الشمسية. كما أن حركة دوران الأرض أيضاً تباطأت 6 ساعات تقريبا خلال الـ 2740 عاماً الماضية؛ أي بمعدل 1.78 ملي ثانية خلال قرن.