كتب عبد الحليم حفينة في "سكاي نيوز":
قصة عجيبة تصلح أن تكون فيلما سينمائيا مكتمل الأركان، ففي أحد ضواحي جنوبي القاهرة الكبرى بمصر، دأب "حلاّق" على ممارسة مهنة الطب، إذ افتتح 4 مراكز طبية، ويوظف طاقمًا من الأطباء والممرضين يعملون تحت إدارته، كما أنه يعالج حالات مرضية بنفسه أيضًا.
وكشف الواقعة "فني تمريض" عمل مع هذا الرجل، عندما خرج في بث مباشر عبر موقع "القاهرة 24" الإخباري، يروي تفاصيل قصة الطبيب المزيف، وكيف استطاع الرجل خداع الجميع، وعلى رأسهم أطباء حقيقيين.
وبمجرد تداول البث المباشر للممرض عزيز كامل، تحركت الشرطة المصرية للتحقيق في الواقعة وكشف ملابستها، مما أدى في النهاية للقبض على الطبيب المزيف وزوجته، بعدما تبين أنهما يتخذان عدة عيادات ومراكز طبية بدائرة قسم شرطة ثالث أكتوبر (مدينة 6 أكتوبر) مقرا لممارسة نشاطهما غير المشروع.
وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان، إن التحريات أثبتت أن الطبيب المزيف حاصل على شهادة الثانوية العامة فقط، ويقيم هو وزوجته في مدينة السادس من أكتوبر.
تحقيقات النيابة
من جانبه، قال عزيز كامل "فني التمريض" الذي كشف الطبيب المزيف أول الأمر، إنه واجه المتهم في تحقيقات النيابة، لافتا إلى أن المتهم المعروف باسم كريم، حاول إنكار كافة التهم الموجهة له، مدعيا أنه كان يدير فقط مراكز طبية ولم يمارس مهنة الطب.
وأضاف كامل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه واجه المتهم رفقة مجموعة من المرضى الذين خدعهم، وأثبتوا أنه كان يوقع على الكشف الطبي للمرضى بنفسه، ولم يستطع إنكار ذلك أمام جهات التحقيق، معتبرا أن علامات التخبط كانت طاغية على ملامحه وتصرفاته أثناء التحقيق.
ولفت الرجل إلى أن الطبيب المزيف حاول استعطافه همسا أثناء التحقيقات، للتراجع عن أقواله، مذكرا إياه بأنه منحه قرضًا. ويستدرك كامل: "لقد أقرضني مبلغ 8 آلاف جنيه، رغم أن مستحقاتي تجاوزت 18 ألف جنيه.. هذا أقل من حقي ببساطة".
وأوضح فني التمريض أنه لم يتمكن أحد ممن عملوا مع هذا الرجل كشف حقيقته، فقد كان يجيد اللغة الإنجليزية، وعلى دراية جيدة بالمصطلحات العلمية، وإذا دخل في نقاش طبي كان ينهيه بطريقة لا يمكن أن تكتشف معها أبدا أنه طبيب مزيف.
وتابع: "زوجته أيضا كانت تدعي أنها أخصائية علاج طبيعي وكانت تصدر لنا توجيهات أحيانا"، لافتا إلى أن أمرهما كُشف بعدما تزايدت الشكوك، فتمكن بعض الأطباء من العثور على بطاقة الهوية الخاصة به، وكانت المفاجأة أن مهنته المدونة هي "صاحب صالون تجميل"، وأنه من مواليد الإسكندرية، وليس لديه مؤهل عال من الأساس.
وختم فني التمريض حديثه بالتأكيد أن الطبيب المزيف حُبس 4 أيام بعد انتهاء التحقيق معه، مبديا استعداده التوجه إلى النيابة العامة أكثر من مرة للشهادة بكل ما يعرفه، مشيرا إلى هذا الرجل "ظل يخدع الجميع طوال عدة شهور".
الشرطة تكشف الكواليس
وزارة الداخلية أعلنت في بيانها، أن المتهم اعترف التفاصيل التي قادته لارتكاب تلك الجرائم؛ حيث التحق بكلية العلوم بإحدى الجامعات، لكنه لم يستكمل دراسته، ثم قام لاحقًا بافتتاح صالون تجميل بالإسكندرية، وأغلقه عقب صدور العديد من الأحكام القضائية ضده.
وأوضح البيان أن تنقل الطبيب المزيف بين العيادات الطبية وعمله فني معمل وتمريض أكسبه معلومات طبية، فاختمرت في ذهنه فكرة افتتاح عدة عيادات ومراكز طبية، بعد إيهام مخالطيه بأنه طبيب وممارس عام، لينتحل صفة طبيب بإحدى المستشفيات الكبرى بالقاهرة.
وكشف البيان أن الطبيب المدعي عيّن أطقم طبية وتمريض، كما حصل على مبالغ من بعض المرضى، نظير إجراء عمليات جراحية لهم، وأنه كان يقوم بالتنقل بين تلك العيادات والمراكز الطبية.
كما لفت إلى أن المتهم كان يقوم بإغلاق المراكز الطبية عندما يستشعر وجود شكوك تحوم حوله، وأن أمره قد يفتضح، خاصة أنه لم يكن يجري العمليات الجراحية، وأحيانا كثيرة لا يدفع مرتبات العاملين.
وفي هذا الإطار، تقدم 3 أطباء ببلاغ رسمي اتهموه فيه بالنصب والاحتيال وعدم الحصول على رواتبهم.