بدلا من توحيدهم، عمقت الحرب في أوكرانيا الخلافات بين معارضي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وبرزت معارك داخلية قد تؤخر الوحدة الساعية لإرساء الديمقراطية وحشد الروس.
وفي العاصمة الأوروبية، بروكسل، هذا الأسبوع، اجتمعت المعارضة الروسية لرسم طريق للعودة إلى الديمقراطية وسط حضور أوروبي يرغب في التعامل مع روسيا جديدة، لكن سرعان ما ظهرت خلافات جديدة بين رموزها، وفق تقرير من صحيفة "فاينانشال تايمز".
وتنقل الصحيفة أن المؤتمر أظهر خلافات جديدة حول قضايا برزت مع الحرب مثل دعم هزيمة عسكرية لموسكو ومطالب كييف بالتعويضات، وهي خلافات يرى البعض أنها "سامّة" سياسيا بين الروس.
وقال أندريوس كوبيليوس، عضو البرلمان الأوروبي الليتواني، الذي دعا جماعات المعارضة إلى البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع: "لديهم هذه المعارك الداخلية، وربما يستغرق الأمر بعض الوقت".
وتابع المسؤول الليتواني "سيكون من الجيد لو تمكنوا من إظهار المزيد من الوحدة حول نوع من الاستراتيجية".
وتشير الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي كان يأمل في تجاوز خلافات المعارضة، لكنها سرعان ما اشتدت خلال المؤتمر، إذ رفض أتباع الناشط المسجون المناهض للفساد، أليكسي نافالني، زعيم المعارضة الروسية الأكثر شعبية، المشاركة في حدث البرلمان.
ورفضت مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد، التي تعمل من ليتوانيا، دعوات لحضور المؤتمر خوفا من أن تكون "في نفس القارب" مع نشطاء المعارضة المنافسين الذين لا يشاركونها وجهات نظرها، وفقا ليونيد فولكوف، كبير موظفي نافالني منذ فترة طويلة.
وسعى الاتحاد الأوروبي، الذي أرسل مسؤولين كبار للمؤتمر، إلى إقناع المعارضة بصياغة خطة مقنعة للديمقراطية وحشد الروس ضد الحرب.
وقال مايكل سيبرت، مدير أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي: "نريد العمل مع روسيا، ولكن مع روسيا مختلفة".
لكن جماعات المعارضة لا تزال منقسمة حول كيفية تحقيق "روسيا المختلفة" ومن سيقودها، بحسب الصحيفة.
وألقى ميخائيل خودوركوفسكي، الذي كان أغنى رجل في روسيا والآن أبرز معارض لبوتين بعد نافالني، باللوم على مجموعة نافالني في إدامة "حالات الخلاف".
وقال خودوركوفسكي: "في أذهانهم، لا يمكن أن يكون هناك سوى القائد، رغم أن هذه القاعة مليئة بالقادة المحتملين".
واشتهر نافالني (47 عاما) لأول مرة، في أوائل عام 2010، إلى حد كبير من خلال تجاهل المشاحنات الداخلية للمعارضة والتركيز على بناء حركة ديناميكية وذكية على شبكة الإنترنت كشفت الفساد.
وعلى عكس منافسيه، تجنب في الغالب حفلات السفارات الغربية وسافر إلى المؤتمرات الأوروبية، وأصر على أن التركيز على مخاوف الروس الحقيقية أعطاه المزيد من الشرعية.
وفي عام 2021، عاد إلى موسكو من برلين، حيث كان يتعافى بعد تسميمه بغاز أعصاب ألقى باللوم فيه على بوتين. وقد ألقي القبض عليه فور عودته وحظرت منظمته.
ويواجه أي شخص يرتبط بجماعة نافالني أو يحتج على الحرب، احتمال اعتقاله، وهي خطوة جعلت من الصعب على منظمته تنظيم مسيرات اجتذبت، قبل عامين فقط، مئات الآلاف في جميع أنحاء البلاد.
وخرجت أعداد صغيرة فقط من المؤيدين إلى الشوارع، يوم الأحد الماضي، لتتمنى لنافالني عيد ميلاد سعيد.
وقال فلاديمير ميلوف، الذي يقدم المشورة بشكل غير رسمي لنافالني ولكنه ليس جزءا من مؤسسة مكافحة الفساد، إن "لديهم رأس المال السياسي الضخم، الذي تم تطويره بالدم والعرق والدموع"، مضيفا "احتمال أن يكونوا مجرد رقم من أرقام المعارضة ليس جذابا بالنسبة لهم".
وخصص خودوركوفسكي الجزء الأكبر من مداخلته، التي استمرت 50 دقيقة لانتقاد فريق نافالني.
وتقول الصحيفة إن بث خودوركوفسكي على موقع يوتيوب فشل حتى الآن في مضاهاة جمهور نافالني، ومع ذلك، يعتقد خودوركوفسكي أن الحرب وضعت فريق نافالني على قدم المساواة مع بقية المعارضة.
وناشد أوليكسي أريستوفيتش، وهو مسؤول أوكراني كبير سابق ومعلق شعبي على موقع يوتيوب باللغة الروسية، الحاضرين في المؤتمر رأب خلافاتهم.
وقال أريستوفيتش: "إذا كان لديكم هدف مشترك، مثل روسيا منفتحة وديمقراطية، فيجب أن يكون ذلك أساسا كافيا للعمل معا".
وكان بعض المسؤولين الأوروبيين يأملون في أن تحذو المعارضة الروسية حذو نظرائها البيلاروسيين في إنشاء منصة موحدة ومكتب مركزي، يمكنه الضغط على الغربيين نيابة عن الروس ومساعدة الشتات المناهض للحرب. لكن مؤتمر بروكسل انتهى دون أي احتمالات فورية لمثل هذه الخطوة.(الحرة)