بعد أن أوعز رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالسماح بتطوير حقل الغاز قبالة سواحل قطاع غزة، أعلن مسؤولون رفيعو المستوى في ديوانه أنه "ليست هناك بنية تحتية لقطاع غزة"، فيما اعتبرت عائلات الجنود الأسرى في غزة أن "هذا قرار سيء، لأن كل ما يتعلق بغزة يجب أن يكون مشروطًا بعودتهم".
ورغم الإعلان الدراماتيكي الذي نشره مكتب نتنياهو، وبموجبه يبدأ تنفيذ مشروع تطوير حقل الغاز أمام قطاع غزة على مسافة 36 كم من الساحل، بموجب
اتفاق بين مصر والسلطة الفلسطينية، زعمت أوساطٌ إسرائيليّة أنه ليس هناك ما يضمن أن الأموال العائدة من هذا المشروع لن تتدفق إلى حماس، مع
العلم أن الاحتلال امتنع لسنوات عن الترويج لهذا المشروع بانتظار تحقق انفراجة في قضية أسراه لدى المقاومة في غزة.
وفي السياق، ذكر تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "كبار المسؤولين في ديوان رئاسة الوزراء زعموا أن قضية الأسرى والمفقودين كانت ولا تزال شرطا لتطوير البنى التحتية في غزة، مشيرين إلى أن أي مشروع من هذا النوع يجب أن يتم وفق
اتفاق مع السلطة الفلسطينية ومصر".
وبحسب التقرير، "فقد قد أوصى جميع المسؤولين الأمنيين
في إسرائيل المستوى السياسي بالسماح للمشروع بالتنفيذ، كما أوصوا هم ذاتهم بالترويج لاتفاق الغاز مع
لبنان، لكن نتنياهو وفريقه لم يقبلوا حينها بالتوصية، وعارضوا
الاتفاق بشدة".
وأضاف التقرير أنّ "هذا المشروع يعني اعترافًا اسرائيليا فعليًا بالسلطة الفلسطينية ككيان دولة، لأنه سيتم اعتبار شواطئ غزة مياها إقليمية للسلطة، فيما هاجمت عائلة الضابط هدار غولدين، الأسير في قطاع غزة، قرار الشروع بتنفيذ مشروع الغاز، لأن حماس ستتلقى العوائد المالية، وإذا كانت مصر منخرطة في المشروع، فعليها تقديم ضمانات بأن المشروع يعتمد على عودة الأسرى، ويمكن لمصر الضغط على حماس، وكل ما يتعلق بغزة يجب أن يكون مشروطًا بعودتهم".
وأشار التقرير إلى أنّ "مشروع الغاز يسعى لتنمية الاقتصاد الفلسطيني، والحفاظ على الاستقرار الأمني في المنطقة، ولذلك تقرر دفع تطوير حقل الغاز قبالة غزة (GAZA MARIN)، حيث يخضع تنفيذه للتنسيق بين الأجهزة الأمنية والحوار المباشر مع مصر بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، للحفاظ على المصالح الأمنية والسياسية لدولة الاحتلال، مع أن قضية تطوير حقل الغاز قبالة غزة مطروحة على الطاولة منذ اكتشافه في أيلول 2000، ويقع على بعد 36 كم من الساحل، وتم حفر بئر "مارين 1" على عمق 1،895 مترًا، ويبلغ عمق المياه في موقع الحفر 550 مترًا، ويحتوي على 25 مليار م3، بقيمة 8 مليارات دولار".
وأوضح أنه "في تشرين الأول 2000، ومع اندلاع الانتفاضة، ألغي مشروع حفر "مارين 2"، ورغم ذلك بدأت "بريتش غاز" مفاوضات لتوريد الغاز لشركة الكهرباء، ومجموعة "الأخوة عوفر" لتوريد الغاز لمصانع الكيماويات
في إسرائيل ومحطة توليد الكهرباء في "رمات هوفاف"، ووقعت "بريتش غاز" مع إسرائيل عقوداً لتوريد 1.4-1.3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وهو مبلغ كان قابلاً للتطبيق لإنشاء نظام إنتاج، ولكن تنفيذ الاتفاقية تأخر بسبب خلافات سياسية، وقد عارض رئيس الوزراء حينها أريئيل شارون شراء الغاز الفلسطيني، بينما عارض وزير الطاقة يوسي بريتسكي الاتفاقية من أجل خلق منافسة في سوق الطاقة في إسرائيل".
وأشار أنه "في أيلول 2005 وافق شارون على شراء الغاز من غزة، وسمحت وزارة الحرب لشركة "بريتش غاز" بالتنقيب عن "غزة مارين 3" لدى اكتشاف بنية جيولوجية مشتركة بين إسرائيل والفلسطينيين الواقعة على جانبي الحدود البحرية. وفي العام 2007 في عهد رئيس الوزراء إيهود أولمرت، استؤنفت المفاوضات بين "بريتش غاز" وإسرائيل، وتمكن الطرفان من صياغة المسودة المشتركة على أن تدخل حيز التنفيذ في 2009، حيث توافق إسرائيل على شراء نصف مليار م3 من الغاز الطبيعي مقابل 4 مليارات دولار".
وأكد التقرير أنه "بعد الطلب الإسرائيلي، كان من المقرر أن تذهب الأموال لحساب مصرفي لا يمكن الوصول إليه مباشرة لمسؤولي السلطة الفلسطينية، بحيث يشرف طرف ثالث. وفي انتخابات 2006 التي فازت حماس فيها بأغلبية، أدى هذا التغيير السياسي لانسحاب إسرائيل من توقيع الصفقة بدعوى أن الأرباح المالية التي ستعود على حماس ستستخدم في أنشطة معادية. وفي العام 2011، طلب نتنياهو تجديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية لشراء الغاز الطبيعي، وبعد انفجارات سيناء التي أدت لتوقف تدفق الغاز المصري لإسرائيل بين 2012-2013، بدأت إسرائيل والسلطة مفاوضات لاتفاق حول الموضوع".
وختم بالقول أن "مطلع 2014، وعقب زيارة رئيس السلطة الفلسطينية إلى موسكو، حين بدأت المفاوضات لبحث إمكانية مشاركة شركة "غازبروم" في تطوير حقل الغاز، حيث ستستثمر الشركة بمليار دولار في تطويره، وفي نيسان 2016، وقعت السلطة وثيقة مبادئ للتفاوض بشأن توريد الغاز لمحطة توليد الكهرباء المخطط لها في جنين من خزان مارين. وفي نيسان 2018، تخلت المؤسسة الملكية الهولندية للطاقة عن المكاسب في هذا المجال، وتم تحويلها مرة أخرى لصندوق الاستثمار الفلسطيني (PIF) بشروط غير معلنة، وفي حزيران 2018 أعلنت السلطة البدء بتطوير الخزان، وبدأت مفاوضات مع شركة "إنرجيان" بشأن اتفاقية تطوير".
ترتبط هذه التطورات بما بدأ منذ تشكيل الحكومة اليمينية الحالية، حين تم فحص الموضوع من مجلس الأمن القومي ومنسق العمليات الحكومية في الأراضي الفلسطينية، ومارس الأميركيون ضغوطًا شديدة على الاحتلال لتنفيذ المشروع، باعتبارها لفتة إسرائيلية تجاه مصر والأمريكيين.
وبحسب التقديرات، فإن إسرائيل ستطالب مصر بضمانات بأن المبالغ المالية العائدة من مشروع الغاز لن تذهب إلى حماس، وقالت شخصيات معارضة إن واشنطن تمارس ضغوطًا على نتنياهو، ويطرح المصريون المشروع على الطاولة كجزء من مباحثات وقف إطلاق النار الأخير على غزة.
(عربي21)