إحتدم النزاع الإقليمي بين الإمارات
العربية المتحدة وإيران، والمستمر منذ 52 عامًا، على ثلاث جزر بالقرب من
مدخل مضيق هرمز.
وبحسب موقع "Responsible Statecraft" الأميركي، "على الرغم من بدء الإمارات
العربية المتحدة تواصلها الحذر مع إيران في عام 2019 ومن ثم إعادة سفيرها إلى طهران قبل عام، إلا أنه من المرجح أن تؤدي التوترات المتفاقمة بشأن هذه الجزر إلى تعقيد التقارب الإماراتي الإيراني كما والدبلوماسية الإقليمية. ومع ذلك، يبدو أن الطرفين مستعدان لمنع هذا التوتر من الخروج عن نطاق السيطرة، فكلاهما يريد الحفاظ على الاستقرار في الخليج الفارسي".
ورأى الموقع أن "هذا الخلاف له تاريخ طويل. فقد احتل البريطانيون الجزر من عام 1908 حتى 30 تشرين الثاني 1971، حينها نشر شاه إيران آنذاك أسطول بلاده بهدف الاستيلاء على الجزر الثلاث قبل يوم من نيل الإمارات
العربية المتحدة استقلالها عن لندن. لطالما اعتبرت الإمارات والدول
العربية الأخرى أن احتلال إيران للجزر هو غير قانوني. ومن جانبها، تعتقد إيران أن الغرب يشجع الإمارات على إثارة هذه القضية كجزء من الجهود الأوسع التي تقودها الولايات المتحدة للضغط على الجمهورية الإسلامية وإضعاف
الموقف العسكري الإيراني في الخليج العربي".
وتابع الموقع، "تعتبر الجزر ذات قيمة استراتيجية لكلا الجانبين نظرًا لموقعها بالقرب من مضيق هرمز. أيًا كان البلد الذي يسيطر على طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى يمكنه أن يسيطر على الممرات البحرية القادمة من الخليج واليه عبر مضيق هرمز. فخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، استخدم الحرس الثوري الإسلامي جزيرة أبو موسى لشن هجمات خلال "حرب الناقلات" (1984-1988)".
تدخل بكين وموسكو
وبحسب الموقع، "في كانون الأول الماضي، أصدرت الصين ومجلس التعاون الخليجي بيانًا مشتركًا دعا فيه إلى تسوية دبلوماسية لهذا النزاع، مما أزعج المسؤولين في طهران الذين اعتبروا البيان بمثابة تحدٍ لوحدة أراضي إيران. واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية سفير الصين في طهران للتعبير عن "استيائها الشديد". وفي الشهر الماضي، أصدرت روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بيانهما المشترك، والذي دعا أيضًا إلى تسوية النزاع بين الطرفين بالطرق الدبلوماسية، وهي خطوة أدت أيضًا إلى احتجاج رسمي مماثل على الرغم من العلاقات الوثيقة بشكل متزايد بين طهران وموسكو منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا".
وتابع الموقع، "مع بداية شهر آب، بدأ الحرس الثوري الإسلامي الإيراني مناورات عسكرية قبالة ساحل أبو موسى، على ما يبدو لإظهار استعداد البلاد للدفاع عن سيطرة طهران، كما ونشر الحرس الثوري الإيراني صواريخ ومسيّرات ومركبات وطائرات وسفن لاستعراض قوته. ووفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، كشفت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني عن سفينة قادرة على إطلاق صواريخ يصل مداها إلى 372 ميلًا. وأثارت هذه التدريبات قلق العديد من الإماراتيين، الذين يتهم بعضهم طهران بعرقلة المساعي الهادفة على خفض التصعيد في المنطقة. وقال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، للموقع: "أعتقد أن على الإمارات أن تنقل هذا التمرين
العسكري الاستفزازي وغير المسؤول إلى مجلس الأمن الدولي لأنه يشكل تهديداً ليس فقط لأمن الخليج، ولكن أيضاً للأمن الدولي".
وأشار الموقع إلى أنه "لدى إيران ثلاثة دوافع رئيسية من استعراضها هذا. أولاً، عززت الولايات المتحدة وجودها
العسكري في مضيق هرمز ومحيطه بشكل كبير، ويبدو أن مناورات الحرس الثوري الإيراني تهدف إلى إرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن إيران لن تتعرض للترهيب. ثانيًا، تعرضت سياسة "التطلع نحو الشرق" التي ينتهجها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لانتقادات من قبل العديد من الإيرانيين الذين يجادلون بأنها "خلقت هذه الصورة أو التصور ... أن إيران تعتمد على الصين وروسيا"، حسبما قال حميد رضا عزيزي، خبير في الشأن الإيراني في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، للموقع. وأضاف: "إذاً، تحاول إيران أيضًا أن تقول إن هذا ليس صحيحًا، فطهران مستعدة للدفاع عن سيادتها وحقوقها الإقليمية على هذه الجزر الثلاث" رغم مواقف الصين وروسيا. ثالثاً، تظهر التدريبات وبوضوح، لأبو ظبي وجيرانها العرب، أنه وعلى الرغم من التقارب الأخير بينهما، والذي ينسبه الخبراء إلى حد كبير إلى حاجة طهران للالتفاف على العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها، فإنها تصر على الإبقاء على موقفها في ما يتعلق بالجزر".
وختم الموقع، "تبرز التوترات حول الجزر هشاشة العمليات الدبلوماسية الجارية في الشرق الأوسط، لكن الخبراء لا يتوقعون أن تؤدي مزاعم إيران والإمارات بشأن هذه الجزر أو استعراض القوة الإيرانية إلى أي مواجهة مباشرة بين البلدين".