تتواصل الاحتجاجات في السويداء، جنوب غرب سوريا، منذ نحو أسبوعين. والجدير بالذكر أن سكان هذه المنطقة، ذات الغالبية الدرزية، ظلوا على الحياد إلى حد كبير طوال الحرب الأهلية.
وبحسب
موقع "Al Monitor" الأميركي، "خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع منذ 20 آب للمطالبة بإسقاط حكومة
الرئيس السوري بشار الأسد. كما وشهدت محافظة درعا السنيّة المجاورة احتجاجات متعددة للمطالبة بـ "الخبز والحرية والكرامة". وأثارت الاضطرابات تساؤلات جديدة حول مدى إمكانية استمرار الحكومة السورية، في الوقت الذي تقوم فيه
الدول العربية بإحياء علاقاتها مع دمشق ورحبت بعودتها إلى جامعة
الدول العربية وسط عقوبات قاسية فرضتها
الدول الأوروبية والولايات المتحدة".
وتابع الموقع، "لطالما اعتبرت الحكومة
السورية أنها لا تتلقى الدعم فقط من الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الأسد، وإنما من الطائفة الدرزية والأقليات الأخرى.
وقال جوشوا لانديس، الذي يرأس المركز الأوسط بجامعة أوكلاهوما ويتابع الوضع في
سوريا عن كثب: "إن هذه الرواية تتلاشى يوماً بعد يوم". يعتقد الكثيرون أنها مسألة وقت فقط قبل أن تلجأ القوات الحكومية
السورية إلى استخدام العنف، خاصة إذا تم استهداف أفرادها. وأضاف لانديس في حديث للموقع: "في البداية ربما اعتقد الأسد أنه يمكنه أن يسمح للسكان السوريين بالتعبير عن غضبهم خاصة وأن فوزه في هذه الحرب أصبح حقيقة. لكن يبدو أنه كان مخطئاً، وسيتعين على الجيش أن يوفر له الحماية للبقاء في موقعه".
وأضاف الموقع، "يشكل الدروز ثالث أكبر أقلية دينية في سوريا، حيث يمثلون حوالي 3٪ من سكانها، أما الآخرون فمنتشرون بشكل رئيسي في لبنان وفلسطين المحتلة. وتعد الاحتجاجات هذه الأكبر في المنطقة منذ عام 2014 بعد أن شعر الزعماء الروحيون الدروز بالإهانة من استخدام رموزهم في الحملة الانتخابية للحكومة. واندلعت المزيد من الاحتجاجات في عام 2015 عندما قُتل الشيخ البارز وحيد البلعوس في انفجار سيارة مفخخة، ومن المرجح أن رجال الأسد هم من نفذوا المهمة. والأهم من ذلك هو أن صدى الاحتجاجات بدأ يتردد في معقل الأسد العلوي في اللاذقية، مع تزايد عدد الأشخاص الذين ينتقدون الحكومة علناً".
وبحسب الموقع، "قال مصلح مسلم،
رئيس "حزب الاتحاد الديمقراطي" إن "الوضع يتجه من السيء إلى الأسوأ. فإذا اتسعت رقعة الاحتجاجات، فإنها ستهدد الحكومة
السورية بالتأكيد". اختار كل من الدروز والأكراد البقاء على الحياد طوال فترة الصراع. فرفض العديد من الدروز مطالب دمشق بحمل السلاح ضدهم، كما ورفض الأكراد القتال إلى جانب المتمردين السنّة. وفي الواقع، استهدف تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات السنّية المتطرفة الأخرى الطرفين. وبعد أن أصبحت كل من السويداء ودرعا من جديد تحت سيطرة الحكومة
السورية في العام 2018، يواصل الأكراد إدارة الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، الذي يعد مركزاً لمعظم النفط والمياه السورية".
وتابع الموقع، "في حلب ومحافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون، يتعهد المدنيون أيضاً بالوحدة مع السويداء ودرعا.
وقال تشارلز ليستر، مدير مشروع
سوريا التابع لمعهد الشرق الأوسط: "لقد أصبحت "الوحدة" هي الموضوع الأساسي للمتظاهرين على طرفي البلاد". وأضاف: "من الملفت أن نرى متظاهري السويداء يعبرون عن تضامنهم مع إدلب "حتى نموت"."
ورأى الموقع أن "السبب المباشر للاضطرابات الحالية هو الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بما في ذلك الزيادة الحادة في أسعار الوقود، وسحب الدعم الحكومي، وانهيار الليرة
السورية.
وقال لانديس: "الاقتصاد السوري في حالة جمود، والحياد في البلاد أصبحت أشبه بالجحيم. لا يستطيع السوريون تأمين قوتهم اليومي ولا حتى الفرار". من المؤكد أن صدى هذه الاحتجاجات أصبح سياسياً خاصة مع تأييد الزعماء الروحيين الدروز المتحالفين تقليديًا مع الحكومة لمطالب المتظاهرين. وقالت لارا نيلسون، مديرة السياسات في منظمة ETANA غير الربحية إن "ما أثارته التحديات الاقتصادية تحول الآن إلى مطالب شاملة بتغيير النظام". وتابعت قائلة: "الحكومة
السورية تخشى ذلك حقاً وليس لديها إجابات كثيرة على ما يطالب به أهالي السويداء".
وبحسب الموقع، "قال آرون لوند، الزميل الدولي في مؤسسة القرن: "من الصعب بشكل خاص على دمشق التعامل مع هذا الأمر الآن لأنه ليس لديهم أي حجج لتقديمها، فالاقتصاد في حالة انهيار". ويدرك السوريون أن التطبيع لم يؤد إلى أي تحسن في حياتهم اليومية، ومع ذلك، مثل كثيرين، أعرب لوند عن شكوكه في أن الحكومة
السورية كانت تواجه خطر السقوط الوشيك. وتشمل مطالب المتظاهرين خفض أسعار السلع الأساسية واتخاذ إجراءات صارمة ضد الكسب غير المشروع وتجارة الكبتاغون التي تُدخل إلى خزينة الأسد مليارات الدولارات.
وقال رامي أبو دياب،
طالب دكتوراه، إن "ما يهم القادة الدروز في لبنان وسوريا هو الحفاظ على علاقات جيدة مع السنّة. فهم حريصون على ألا يصبحوا بيادق للاعبين الدوليين". وفي هذه الأثناء، يؤكد لانديس، أن القوى المختلفة التي تدعم الأسد، وتحديداً إيران وحزب الله وروسيا، سيتعين عليها "رص صفوفها والتوصل إلى خطة"."