تناولت صحيفة the Japan times مقالًا عن إيران بعد فوز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حيث إعتبرت أنه بعد إعادة إحياء الحركة الإصلاحية في إيران، تجمّع الناخبون المحبطون حول الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان الذي وعد بتحسين الوضع الداخلي والحد من التوترات الإجتماعية. هذه الإلتزامات، إلى جانب أسلوبه، كانت كافية لهزيمة المرشح المحافظ سعيد جليلي بفارق 10%.
مثل روحاني، يرى بزشكيان أن تحسين العلاقات مع الغرب وإنهاء العقوبات هو ضرورة إستراتيجية لإيران. لكن إلى جانب ذلك، من المحتمل أن تكون سياساته مختلفة عن سياسات روحاني في جوانب مهمة.
على سبيل المثال، يؤكد بزشكيان أهمية العدالة الإقتصادية، مما يجعله أقرب إلى الرئيس السابق محمد خاتمي من روحاني الذي كان لديه إيمان أكبر بالأسواق. بزشكيان ساهم في وضع نظام تقديم الرعاية الصحية الريفية المبتكرة ولا يزال يؤمن بالرعاية الصحية والتعليم التي تقدمها الحكومة.
بينما كانت القاعدة الداعمة لروحاني تتألف من أعضاء علمانيين من الطبقة الوسطى الموجهة نحو الغرب، يجذب بزشكيان الأسر المتدينة التي لا تسعى عمومًا إلى الإطاحة بالجمهورية الإسلامية.
قد يفسر هذا سبب السماح له بالترشح والسنوات الأربع المقبلة ستكون بعيدة عن "الفترة الثالثة لروحاني، بحسب الصحيفة.
يرث الرئيس الجديد مجموعة من المشكلات الإقتصادية التي تراكمت على مدى العقد الماضي من العقوبات الأميركية والتوترات الإقليمية المتزايدة، وإنخفض الإستثمار في إيران إلى مستوى تاريخي يبلغ 11٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وشبكة الكهرباء والغاز الطبيعي المتدهورة (التي كانت مصدر فخر) أدت إلى إنقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر والنزوح من الريف إلى المدينة، مما زاد من الضغط على إمدادات المياه والخدمات الأخرى.
الأداء الإقتصادي الضعيف في ظل حكومة رئيسي "الثورية" قد يكون أقنع بعض المحافظين الأقوياء بأن السماح لقائد إصلاحي بالتفاوض على صفقة جديدة مع الغرب يستحق المخاطرة.
لتعزيز هدفه في تخفيف العقوبات، قام بزشكيان بتجنيد مستشارين سابقين لروحاني مثل جواد ظريف، الدبلوماسي الماهر الذي تفاوض على الإتفاق النووي لعام 2015 مع الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا والإتحاد الأوروبي، وشارك ظريف بحماس في حملة بزشكيان.
القضية ليست إيديولوجية بقدر ما هي تحقيق واقعي أن معظم المشاكل الإقتصادية الكبرى لإيران تنبع من العقوبات، كان إقتصاد إيران ينمو بقوة حتى عام 2011، عندما شددت الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات لإجبارها على تقليص طموحاتها النووية والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
هذه الإجراءات قيدت بشدة صادرات إيران النفطية ووصولها إلى الأسواق المصرفية والمالية العالمية، مما تسبب في مجموعة واسعة من المشكلات الأخرى. على سبيل المثال، إرتفعت التضخم السنوي، الذي كان يتأرجح بين 20٪ و 40٪ لعقود، في عام 2012 ومرة أخرى في عام 2018، بعد أن أنهت إدارة الرئيس ترامب الإتفاق النووي.
ومع إنخفاض قيمة العملة الإيرانية، إرتفعت الأسعار المحلية وحدثت ثغرات في ميزانية الحكومة، فرد البنك المركزي بطباعة الأموال.
وعلى الرغم من زيادة التضخم، لم يكن لدى إيران خيار آخر، لأن مصادر التمويل المعتادة (مثل الإقتراض من الخارج) لم تعد متاحة أو فعالة.
سيواجه بزشكيان نفس القيود، فإصدار السندات المحلية يتطلب من الحكومة دفع أسعار فائدة تتجاوز الـ30% سنويًا، مما يؤدي إلى عجز أكبر.
وبالمثل، فإن زيادة الضرائب في إقتصاد معتاد على عائدات النفط ستكون صعبة إقتصاديًا وخطيرة سياسيًا، ومحاربة التضخم بخفض الإنفاق الإجتماعي والائتمان ستؤدي إلى زيادة الفقر والبطالة.
هناك إحتمال آخر هو رفع أسعار الطاقة، تستورد إيران حاليًا البنزين بحوالي 0.75 دولار لليتر وتبيعه في بـ 0.03 دولار لليتر. في حين أن رفع الأسعار إلى المستويات العالمية سيسد الفجوة في الميزانية.
الخيار الوحيد المتبقي هو زيادة الإيرادات عن طريق تصدير المزيد من النفط، مما يتطلب صفقة مع الولايات المتحدة.
بالتالي، تخفيف العقوبات على النفط الإيراني لن يقلل فقط من الحاجة إلى طباعة الأموال، بل سيخفف أيضًا من صدمات الصرف الأجنبي المستقبلية إذا عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وأعاد حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران.
كما وتحتاج إيران لتخفيف القيود على وصولها إلى النظام المالي العالمي، لأن العقوبات المصرفية تعيق الصادرات الإيرانية إلى معظم الأسواق الأجنبية.
وبحسب الصحيفة، بغضّ النظر عمن يفوز بالإنتخابات الرئاسية الأميركية، فإن الخيار الذي يواجه بزشكيان واضح مع عدم وجود نهاية في الأفق للحرب المروعة في غزة ومع تبادل حزب الله وإسرائيل لإطلاق النار، فالوضع في المنطقة متقلب للغاية.
وختمت الصحيفة: "لأن الحرب الإقليمية ليست في مصلحة إيران، فمن المنطقي أن إنتخاب بزشكيان إشارة إلى أن القيادة الإيرانية مهتمة بتقليل التوترات، وهذا يعني أن واشنطن لديها فرصة جديدة إما لإحياء الإتفاق النووي الذي تجاهله ترامب، أو التوصل إلى صفقة جديدة".