كتب موقع "الحرة": قالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن العديد من قادة العالم المؤثرين يبذلون جهودا دبلوماسية كبيرة، لإقناع إسرائيل بعدم التصعيد مع ميليشيات حزب الله اللبناني، خوفا من انجرار المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، وبالتالي حدوث تداعيات سلبية كبيرة في بقية أنحاء العالم.
وكان قد جرى تفويض مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتانياهو، لتحديد "طريقة وتوقيت" الرد على هجوم صاروخي على هضبة الجولان، الذي أودى بحياة 12 طفلا، وهو الهجوم الذي حمّلت إسرائيل والولايات المتحدة جماعة حزب الله المسؤولية عنه.
ونفى حزب الله مسؤوليته عن الهجوم على قرية مجدل شمس، الذي أوقع أكبر عدد من القتلى في إسرائيل منذ أن أشعل هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، فتيل الحرب في غزة.
وامتد هذا الصراع إلى جبهات متعددة، وهو الآن ينذر بالتحول إلى صراع أوسع في المنطقة.
ورأت الصحيفة البريطانية أن الولايات المتحدة "تعمل على إيجاد حل دبلوماسي، من شأنه أن ينهي جميع الهجمات مرة واحدة وإلى الأبد"، وفقًا لبيان صادر عن مجلس الأمن القومي الأميركي.
وفي تصريحاته من العاصمة اليابانية طوكيو، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن بلاده "لا تريد أن ترى الصراع في الشرق الأوسط يتوسع وينتشر في مناطق أخرى"، حسب وكالة فرانس برس.
وكان موقع أكسيوس الأميركي قد نقل، الأحد، عن مسؤول إسرائيلي وآخر أميركي، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت إسرائيل من أنها إذا ضربت أهدافا لحزب الله في بيروت ردا على هجوم مرتفعات الجولان السبت، "من المرجح أن يخرج الوضع عن السيطرة".
وقال مسؤول إسرائيلي إن المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس هوكستين، تحدث، السبت، مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، وأخبره أن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد حزب الله، لكن يجب عليها تجنب التصعيد الشامل وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين"، وفقا للموقع.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن هوكستين أعرب عن قلقه من أنه إذا هاجم الجيش الإسرائيلي بيروت، فإن حزب الله سوف يرد بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على إسرائيل، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد.
وقال مسؤول أميركي للموقع: "نعتقد بالتأكيد أن ضربة للجيش الإسرائيلي على بيروت هي خط أحمر محتمل لحزب الله".
وأجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اتصالا هاتفيا مع نتانياهو، وأخبره أن باريس لا تزال ملتزمة ببذل "كل ما في وسعها لتجنب تصعيد جديد في المنطقة، من خلال نقل الرسائل إلى جميع الأطراف المشاركة في الصراع"، حسب بيان صادر عن قصر الإليزيه.
وفي نفس السياق، حث منسق الأمم المتحدة الخاص إلى لبنان، وقائد قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، على التحلي بـ"أقصى درجات ضبط النفس" على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حسب ما أفادت وكالة رويترز.
وقالا إن الجانبين يجب أن "يوقفا تبادل إطلاق النار المكثف المستمر"، محذرين من أن ذلك "قد يشعل حريقًا أوسع نطاقًا من شأنه أن يضع المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن استيعابها".
من جانبها، حذرت مصر، من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، مناشدة، عبر بيان رسمي لوزارة الخارجية، القوى المؤثرة في المجتمع الدولي "التدخُل الفوري لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من التبعات الكارثية لاتساع رقعة الصراع، التي قد تُشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين".
في المقابل، صدرت تصريحات حادة من من بعض السياسيين الإسرائيليين، بما في ذلك وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن "لبنان كله يجب أن يدفع الثمن"، إثر الهجوم الذي حدث في بلدة مجدل شمس.
وكان خبراء تحدثوا إلى موقع "الحرة"، الأحد، قد ألمحوا إلى احتمالات حدوث تصعيد خطير، معتبرين في الوقت نفسه أن تلك الاحتمالات "قد تكون ضعيفة".
ورأى الخبير العسكري اللبناني، العميد المتقاعد ناجي ملاعب، في تصريحات لموقع الحرة، أن التهديدات الإسرائيلية ليست جديدة، مضيفا: "اعتدنا منذ الثامن من أكتوبر، وعقب تدخل حزب الله في الحرب لدعم قطاع غزة أن نسمع تصريحات كثيرة عن وجوب شن عمليات عسكرية برية كبيرة في الداخل اللبناني، لاسيما من جانب الوزراء المتطرفين أمثال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير".
واعتبر أن الظروف الإقليمية والدولية "قد لا تسمح في الوقت الحالي بشن مثل تلك العمليات العسكرية، خاصة مع وجود دعوات للتهدئة وضبط النفس".
من جانبه، نبه المحلل العسكري الإسرائيلي، المقدم المتقاعد كوفي لافي، في حديثه إلى موقع "الحرة" إلى أن أي تصعيد خطير مع حزب الله "سيجر المنطقة إلى حرب شاملة وواسعة"، معتبرا أن الأمر يتعلق في الوقت الحالي بـ"قدرة الولايات المتحدة على تأجيل ذلك".
وفي نفس السياق، أعرب المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرين، خلال محادثة لـ"موقع الحرة" عبر تطبيق واتساب، أن بلاده "غير معنية بالتصعيد حاليا، حيث أن شن هجوم كاسح على لبنان ستكون تكلفته كبيرة".
أما الزميل الباحث في مبادرة الشرق الأوسط بكلية كينيدي بجامعة هارفارد، دانييل سوبلمان، فأشار إلى أن ما حدث في الجولان بمثابة "تذكير بأن هذا النوع من إدارة الصراعات لا يزال ينطوي على اللعب بالنار، وأن الأطراف لا تملك السيطرة الكاملة على التصعيد".
وأضاف لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن ضربة السبت، كانت الأكثر خطورة على إسرائيل في 9 أشهر من القتال مع الميليشيات المتواجدة في لبنان.
وتتبادل إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، القصف بشكل شبه يومي عبر الحدود منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول على إسرائيل، وأدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قال، الأحد، إن بلاده تحذر من "تداعيات غير متوقعة وردود فعل" لأي تصعيد في لبنان"، معتبرا أن ذلك قد يؤدي إلى "توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة".
وعن احتمال إقدام إسرائيل على القيام بعملية عسكرية برية كبيرة في لبنان، رأى المحلل العسكري السوري، إسماعيل أيوب، أن ذلك "سيكون بمثابة جنون عسكري، إن جاز التعبير، لأن تداعيات ذلك ستكون كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وأوضح لموقع "الحرة"، أنه ومنذ نحو 9 أشهر، فإن "الردود والضربات المتبادلة بين الجانبين اتسمت بضبط النفس إلى حد كبير، وربما يعود ذلك إلى وجود قواعد اشتباك تتضمن عدم استهداف المدنيين".
وتابع: "رغم موقفي من حزب الله، فإنني لا أعتقد أنه تقصد استهداف مدنيين عرب ينتمون إلى أقلية دينية، لأن ذلك سيؤثر عليه في لبنان والمنطقة بشكل عام، وأنا أميل إلى فرضية سقوط صاروخ اعتراضي، وهنا أيضا لا أظن أن الأمر كان مقصودا من إسرائيل".