كتب موقع "العربية": بعد عام على الحرب، تراجعت قوة حركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ العام 2007، مع تدمير مراكزها وقتل قادتها واضطرارها لخوض حرب من داخل الأنفاق، إلا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية والجوية لم تقض عليها.
ففي السابع من تشرين الاول الماضي، شنّت حماس هجوما مباغتا وغير مسبوق على إسرائيل واقتحم مقاتلوها مواقع عسكرية ومستوطنات حدودية مع القطاع، وأطلقت نحو 5 آلاف صاروخ باتجاه مناطق وسط وجنوب إسرائيل.
وأسفر الهجوم عن مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمّر وهجوم برّي على قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط 41,802 قتيل على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة في غزة.
وفي آب، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 17 ألف مقاتل فلسطيني في القطاع.
وأقرّ مصدر في حركة حماس أن "آلافا من عناصر المقاومة" قتلوا في المعارك، لكنه أضاف أن "الاحتلال يكذب ويبالغ بالأرقام ويخلط بين العناصر المدنيين والمقاومين".
وأضاف: "يدّعي الاحتلال أنه يعرف كل شيء. ماذا كان يعرف في السابع من تشرين الاول؟ فشل أمني وعسكري وسياسي وتخبط.. يهربون من الفشل بارتكاب المجازر"، بحسب تعبيره.
وتطارد إسرائيل قادة ونشطاء حماس، وأعلنت قتل العديد منهم. وبين الأهداف التي حددتها، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار الذي تتهمه بالتخطيط لهجوم السابع من تشرين الاول، مع محمد الضيف، قائد كتائب القسام، الذي أعلن الجيش الإسرائيلي قتله في غارة جوية في خان يونس في جنوب القطاع. إلا أن حماس نفت ذلك.
أين السنوار؟
وسمّي السنوار على رأس المكتب السياسي لحماس في أغسطس، خلفا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران في 31 تموز، في ضربة نسبت الى إسرائيل.
ومنذ اندلاع الحرب لم يظهر السنوار علنا.
ويقول مصدر في حركة حماس إن مهمة حماية السنوار "أُسندت الى فريق أمني خاص من كتائب القسّام"، مؤكدا أن السنوار من مخبئه "يقود جناحي الحركة السياسي والعسكري".
ويقول الباحث في مجلس العلاقات الخارجية بروس هوفمان: "العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وجهّت ضربة قاسية لحماس، لكنها ليست ضربة مميتة".
"انتحار سياسي"
من جهة أخرى، أصيبت المؤسسات الحكومية التي تديرها حماس بشلل كبير، ودمّر الجيش الإسرائيلي معظم هذه المؤسسات.
وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المدارس ومؤسسات صحية ومدنية لإدارة عملياتها، لكن حماس تنفي.
ولم تترك الحرب مكانا آمنا في القطاع، إذ تحوّلت أكثر من 200 مدرسة غالبيتها تابعة لوكالة الأونروا، إلى ملاجئ لمئات آلاف النازحين، ولم تعد هناك مراكز للرعاية الصحية.
وأعلن مدير الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن إسرائيل دمّرت كافة الجامعات والمنشآت الصناعية والتجارية، ومحطة توليد الكهرباء الوحيدة ومضخات المياه والصرف الصحة ومراكز الشرطة والدفاع المدني والسجون.
ودمّر الجيش الإسرائيلي كليا أو بشكل كبير نحو 450 ألف منزل ومنشأة من بينها مستشفيات ومدارس ودور عبادة، وأكثر من 80% من البنية التحتية في القطاع، بحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة.
وتسببت الضربات الإسرائيلية باستحالة مناطق واسعة في القطاع إلى أكوام من الركام، وفق ما ورد في تقارير منظمات تابعة للأمم المتحدة.
وبحلول منتصف العام 2024، انخفض اقتصاد غزة إلى "أقل من سدس مستواه في العام 2022"، وفقا لتقرير للأمم المتحدة قال إن الأمر "سيستغرق عقودا" لإعادة غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
غضب وإحباط بين سكان القطاع
وأدّت الحرب وتداعياتها إلى تأجيج الغضب والإحباط على نطاق واسع بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، وكان ثلثاهم فقراء قبل الحرب، وفقا لأستاذ العلوم السياسية في "جامعة الأزهر" مخيمر أبو سعدة.
ويقول أبو سعدة إن حماس "تتعرض لانتقادات لاذعة"، مضيفا "أعتقد أن الشعب لن يقبل العودة لهذا الوضع الكارثي" بعد انتهاء الحرب.
أما المحلل السياسي جمال الفادي فيرى أن هجوم السابع من أكتوبر كان "انتحارا سياسيا لحماس" التي "وجدت نفسها معزولة الآن".
ويرفض القيادي في حماس باسم نعيم هذا الرأي.
ويقول نعيم الذي يقيم كما عشرات غيره من قادة حماس، في قطر، "في حين أن البعض قد لا يتفق مع وجهات نظر حماس السياسية، فإن المقاومة ومشروعها لا يزالان يتمتعان بدعم واسع النطاق".
"ضربات قاسية"
وأقرّ نعيم بأن حماس تلقّت "ضربات قاسية"، لكنه قال إن "المقاومة لا تزال صامدة وقادرة على ضرب الاحتلال في أي مكان"، بحسب تعبيره.
وأضاف لـ"فرانس برس": "المقاومة تستفيد من تجارب العدوان وتعيد ترتيب صفوفها وتكتيكاتها بما يمكّنها من إيقاع أكبر الخسائر في العدو وتقليل الخسائر البشرية والمادية عندها".
أما القيادي في حماس طاهر النونو فيرى أن حماس "ما زالت لاعبا رئيسيا في القضية الفلسطينية وليس فقط في غزة".
ويشير الى أن الضربات القاسية "لا تؤثر على قدرة الحركة في قيادة العمل السياسي وإدارة مواجهة العدوان".