ذكرت صحيفة "Financial Times" البريطانية أنه "يبدو أن النظام الإيراني، الذي لا يحظى بشعبية في الداخل، ويتعرض للهجوم من قبل إسرائيل، ويقوده مرشد أعلى يبلغ من العمر 85 عامًا، معرض للخطر. لقد تم قمع التظاهرات المناهضة للحكومة التي بدأت في عام 2022 بوحشية، حيث تم إطلاق النار على المئات في الشوارع وسجن الآلاف. من جانبه، يحاول بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، التواصل مع المعارضة الإيرانية، فحتى مع تهديده باتخاذ إجراء عسكري ضد البلاد، فقد توقع أن الحرية ستأتي إلى إيران، "أسرع مما يعتقد معظم الناس".
وبحسب الصحيفة، "يزعم نتنياهو أن تغيير النظام في إيران من شأنه أن يفيد العالم أجمع، ونظرا لنفوذ نتنياهو في الولايات المتحدة، فإن حججه تلقى استحسانا من جانب اليمين الجمهوري. كما ونقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن دبلوماسي فرنسي قوله: "ربما يقودنا الإسرائيليون نحو لحظة تاريخية... بداية النهاية للنظام الإيراني". بشكل عام، يبدو سقوط الجمهورية الإسلامية بمثابة تطور مرحب به بالنسبة للغرب الديمقراطي، الذي يشعر بقلق متزايد إزاء تعاون "محور الخصوم" الذي يتألف من إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية. إن عودة الحرية السياسية إلى إيران تعني أيضاً إعادة دمج البلاد في الاقتصاد العالمي".
وتابعت الصحيفة، "لكن في العالم الحقيقي، هناك كل الأسباب التي تجعلنا نحذر بشدة من أولئك الذين يدعون إلى "تغيير النظام" في إيران. أولاً، هناك مسألة كيف يمكن أن يحدث هذا. فقد انتفض المحتجون الإيرانيون ضد النظام عدة مرات في الماضي، وقُتِلوا وسُجِنوا بأعداد كبيرة. إن قصف إيران وبنيتها الأساسية الحيوية، على أمل غامض بأن يؤدي هذا إلى انهيار النظام، يشكل أيضاً استراتيجية غير مقنعة على الإطلاق. فبدلاً من مساعدة المعارضة الداخلية، قد تساعد الضربات الإسرائيلية أو الأميركية النظام من خلال التسبب في حشد الناس حول العلم الإيراني".
وأضافت الصحيفة، "إن التدخل الأميركي قد يكون له نتائج عكسية بشكل خاص، نظراً لأن كل إيراني متعلم يتذكر الدور الذي لعبته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في دعم الانقلاب في إيران عام 1953. فحتى لو سقط النظام الإيراني بطريقة أو بأخرى، فليس هناك ما يضمن على الإطلاق أن يحل محله نظام أفضل. فقد أُرغمت العديد من الأنظمة غير الديمقراطية على التخلي عن السلطة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط في العقود الأخيرة، وكثيراً ما أثبتت الأنظمة التي خلفت النظام أنها أكثر قمعاً من الأنظمة التي حلت محلها، كما حدث عندما أجبرت الثورة الإيرانية شاه إيران على التنحي في عام 1979".
وبحسب الصحيفة، "أوضح فيليب غوردن، مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس الأميركي جو بايدن كامالا هاريس، في كتابه الجديد "خسارة اللعبة الطويلة: الوعد الكاذب بتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط"، كيف سقطت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً في الفخ عينه، عقداً بعد عقد، عندما تبنت فكرة تغيير الأنظمة في العراق وإيران وأفغانستان ومصر وليبيا. وفي كل حالة، تبنت الولايات المتحدة الافتراضات المتفائلة التي تبناها الزعماء المنفيون، لكنها "فشلت في توقع الفوضى التي ستنشأ حتماً بعد الانهيار". وكما أشار غوردن، "كلما تم تدمير نظام قائم... ينشأ فراغ سياسي وأمني ويبدأ صراع على السلطة"، والفائزون في صراع السلطة هذا هم عادة المجموعات الأكثر قسوة وتسليحاً، وليس الأكثر ليبرالية وتسامحاً".
وتابعت الصحيفة، "إن ظروف انعدام الأمن تقنع الناس أيضاً بالعودة إلى الجماعات أو الطوائف التي تربطهم بها صلة، الأمر الذي يزيد من احتمالات اندلاع حرب أهلية. وإيران، مثل العراق، تتألف من خليط من الجماعات العرقية والدينية المختلفة، وغالباً ما يؤدي الفراغ في السلطة بعد الإطاحة بنظام غير ديمقراطي إلى استنزاف البلدان والجماعات المجاورة، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار العنف في مختلف أنحاء المنطقة. وتنطبق كل هذه التحذيرات بقوة على الآمال في إرساء نظام سياسي جديد في لبنان، بعد اغتيال قيادة حزب الله. إن التحذير من جعل تغيير النظام هدفاً للسياسة الغربية قد يؤدي إلى استنتاج قاتم غير مقبول وهو أن الإيرانيين لابد وأن يعيشوا في ظل حكم ديني قمعي إلى الأبد. والسؤال ليس ما إذا كان التغيير لابد وأن يأتي إلى إيران، بل كيف".
وبحسب الصحيفة، "إن الأمل الأفضل للإيرانيين والشرق الأوسط هو أن الجمهورية الإسلامية سوف تنتهي في نهاية المطاف إلى زوالها ليس من خلال الغزو أو الثورة، بل من خلال المفاوضات السلمية. وفي العقود الأخيرة، كانت التحولات الديمقراطية التي نجحت على أفضل نحو في بلدان مثل بولندا وجنوب أفريقيا وتشيلي، عندما جلست الحكومات غير الديمقراطية مع خصومها وتفاوضت معهم. لقد كان لدى إيران دوماً سياسيون إصلاحيون يعملون داخل النظام الديني، ولكن الحرب مع إسرائيل من المؤكد أنها سوف تعمل على تمكين المتشددين".
وختمت الصحيفة، "لابد أن يأتي التغيير إلى إيران. والغارات الجوية ليست السبيل إلى تحقيق هذا التغيير".