ذكرت صحيفة "The Atlantic" الأميركية أنه "بعد مرور عام على هجوم حماس على جنوب إسرائيل، يعتقد كلا الجانبين أنهما منتصران. ويبدو أن الحرب في غزة مستمرة إلى أجل غير مسمى وربما ستتوسع، مما يبعث على السرور الواضح لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حماس يحيى السنوار".
وبحسب الصحيفة، "هذه ليست المرة الأولى التي تتطابق فيها خطط القادة الإسرائيليين اليمينيين مع خطط حماس. فلطالما رأى نتنياهو حماس كأداة مفيدة لإضعاف حركة فتح، الحزب القومي العلماني الذي يهيمن على السلطة الفلسطينية ويحكم أجزاء من الضفة الغربية، وكما أوضح في اجتماع استراتيجي لحزب الليكود في عام 2019: "كل من يريد إحباط إقامة دولة فلسطينية عليه أن يدعم دعم حماس وتحويل الأموال إليها. وهذا جزء من استراتيجيتنا، عزل الفلسطينيين في غزة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية". لقد نجحت سياسة نتنياهو بشكل مثير للإعجاب باعتبارها ممارسة لسياسة "فرق تسد". فقد أصيبت الحركة الوطنية الفلسطينية بالشلل بسبب الانقسام الذي عززته إسرائيل. ولكن من خلال حجب إمكانية إقامة دولة فلسطينية أو الحصول على الجنسية، خلقت هذه السياسة الظروف المناسبة لرد فعل عنيف، حيث استنتج العديد من الفلسطينيين أن السبيل الوحيد لتحقيق تطلعاتهم الوطنية هو من خلال النضال المسلح. وفي الأشهر التي سبقت هجوم السابع من تشرين الأول، قررت حماس إثبات أنها جديرة بقيادة مثل هذه الحركة".
وتابعت الصحيفة، "في مساء السابع من تشرين الأول، تعهد نتنياهو بـ"الانتقام الشديد" لقيام حماس بشن هجومها على إسرائيل، كما وتعهد بتدمير الحركة. ولكن هذا أمر خيالي، فحماس هي فكرة بين الفلسطينيين وليس مجرد مجموعة من الأفراد أو المعدات. وقد سمح نداء نتنياهو لتدميرها بإعلان النصر بمجرد البقاء على قيد الحياة. لقد دمرت إسرائيل غزة من الشمال إلى الجنوب، ودمرت كل ما له قيمة بالنسبة لحماس تقريباً، ولكن الحرب لم تنته بعد، والواقع أن حماس بدأت للتو في خوض الحرب التي تريدها حقاً".
ورأت الصحيفة أن "حماس بعيدة كل البعد عن الزوال، فمقاتلوها يظهرون فجأة في مناطق عبر قطاع غزة كانت القوات العسكرية الإسرائيلية قد أعلنت قبل أشهر أنها أصبحت مهجورة. والآن تلعب إسرائيل لعبة "ضرب الخلد" مع المسلحين الذين يخرجون لشن هجمات سريعة قبل أن يختفوا. ومن المرجح أن تتمكن حماس من الحفاظ على هذه الديناميكية لمدة عقد أو عقدين من الزمان. ويبذل نتنياهو قصارى جهده لضمان عدم حدوث ذلك. فقد رفض حتى الآن مناقشة المرحلة التالية في غزة، والتي قد ينسحب فيها الجيش الإسرائيلي ويترك شخصًا آخر في السلطة غير حماس. وفي غياب أي خطة من هذا القبيل، تُرِك الجيش الإسرائيلي لإدارة غزة في المستقبل المنظور. ومن خلال التقاعس والصمت والإهمال المتعمد، ضمن نتنياهو وجود مرشحين اثنين فقط محتملين لإدارة غزة: إسرائيل وحماس".
وبحسب الصحيفة، "لقد ضمن كل ما فعله نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول استمرار الوجود الإسرائيلي في غزة، وهو بالضبط ما كانت حماس تعول عليه. فقد كان بوسع إسرائيل أن تعلن النصر وتغادر القطاع بعد أن خاضت معركة ضد آخر كتائب حماس المنظمة في رفح، ولكنها أضاعت هذه الفرصة. والآن تخوض إسرائيل حملة غير واضحة المعالم ولا طائل من ورائها لمكافحة التمرد، ولا تستطيع الانسحاب منها دون أن تبدو وكأنها تتخلى عن نصرها الذي حققته بشق الأنفس وتعيد السلطة إلى العدو. وكانت حماس تأمل في تحقيق هذه النتيجة بالضبط عندما شنت هجومها في السابع من تشرين الأول، كما كانت تتمنى إشعال فتيل حرب إقليمية متعددة الجبهات مع إسرائيل، حيث تتدخل أطراف أخرى من "محور المقاومة" الذي تقوده طهران، وخاصة حزب الله".
وتابعت الصحيفة، "إن إسرائيل وحماس تعتقدان أنهما على وشك تحقيق نجاح غير مسبوق. فقد تحملت حماس الضربات القاسية التي تعرضت لها في غزة، وتبدو واثقة من أنها سوف تتولى في نهاية المطاف القيادة الوطنية الفلسطينية. ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تعتقد أنها ردت بحزم على مهندسي هجوم السابع من تشرين الأول، وقلصت من أهمية حماس إلى حد كبير، ولم تعد تشكل مصدر إزعاج في غزة. والآن تخوض إسرائيل الحرب التي أرادت خوضها ضد حزب الله في لبنان".
وبحسب الصحيفة، "لقد بدأ البعض في إسرائيل يتحدثون عن إخضاع، ليس فقط حماس، بل محور المقاومة بأكمله بما في ذلك إيران ذاتها. وحتى لو لم تهاجم إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية فإنها قد تسعى إلى إرغام الولايات المتحدة على مهاجمة تلك المنشآت دفاعاً عن إسرائيل أو لإنهاء مهمة بدأتها إسرائيل. إن القيادة الإسرائيلية تتخيل شرقاً أوسطيا جديداً، شرقاً يتم فيه القضاء على البرنامج النووي الإيراني وتقليص نفوذه الإقليمي إلى حد كبير. لقد ضمنت حرب الانتقام التي شنها نتنياهو في غزة أن ينظر جيل آخر من العرب إلى القضية الفلسطينية باعتبارها مسؤولية جماعية، وهي المسؤولية التي قد تؤدي إلى ظهور أو تعزيز الجماعات المتطرفة. ومع ذلك، تبدو إسرائيل أكثر عداءً للدولة الفلسطينية من أي وقت مضى، حيث تقوم بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية بشكل مطرد دون أن يكون لديها أي خطة لما يجب أن تفعله بالفلسطينيين هناك".
وتابعت الصحيفة، "بعد السابع من تشرين الأول، أطلقت إسرائيل العنان لجيشها في البحث عن قدر أعظم من الأمن، ويبدو أن العديد من الإسرائيليين يشعرون بأن المشروع لا يمكن أن يسير على نحو أفضل. ولكن إسرائيل تجد نفسها الآن تقاتل تمرداً في غزة، وتتقدم بخطى حثيثة نحو مستنقع آخر إلى الشمال منها، إذا احتلت لبنان. والواقع أن عدائها للسلطة الفلسطينية والاشتباكات العنيفة مع الشباب المسلحين في المدن الفلسطينية تشير إلى تمرد ثالث يتطور إلى الشرق منها. وإذا كانت هذه هي الصيغة المثالية للأمن، فمن الصعب أن نتخيل كيف قد يبدو انعدام الأمن".