قبل أيام من انتخابات الرئاسة الأميركية التي تنطلق في 5 تشرين الثاني، ثارت تساؤلات حول وضع القارة الأفريقية ورهاناتها على تلك الانتخابات وتأثير سياسات الإدارة المقبلة عليها.
ورغم أن أفريقيا لم تحظ بأهمية كبيرة في مناقشات السياسة الخارجية التي سبقت الانتخابات الأميركية، إلا أن نتيجتها ستكون لها تأثيرات كبيرة على البلدان الأفريقية وخارجها.
واعتبر تحليل لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن "الحكومات الأميركية المتعاقبة أهملت تاريخيا القارة، واعتبرتها بمثابة (مشكلة أمنية) يجب التعامل معها، ما خلق فراغا في النفوذ ملأته عدة دول على رأسها الصين وروسيا".
وقد أدت السياسات الأميركية التي صيغت لمواجهة المنافسين على النفوذ في القارة التي تتمتع بأسرع نمو سكاني في العالم، فضلاً عن الموارد المعدنية الحيوية اللازمة للتحول نحو الطاقة الخضراء، إلى انتقادات مفادها أن "العلاقة الأميركية مع أفريقيا علاقة تفاعلية".
وقد تدهورت الأوضاع الأمنية في أكثر من 20 دولة أفريقية، مقارنة بما كان عليه قبل عقد من الزمان، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة محمد إبراهيم للحوكمة الأفريقية، التي تقيس وترصد أداء الحوكمة في البلدان الأفريقية.
وبحسب التحليل فقد أدى "تراجع الديمقراطية وتزايد الانقلابات والتمرد إلى توفير فرص تجارية لعدة دول بينها روسيا وغيرها، وكلها تعد بإعادة السلام في مقابل الموارد".
ورغم قرب انتهاء ولايته فإن بايدن لم يجر زيارات لأفريقيا، وكانت رحلته الملغاة إلى أنجولا هذا الشهر ستمثل الزيارة الأولى إلى أفريقيا أثناء وجوده في منصبه.
لكن اختياره لأنغولا يسلط الضوء على النهج الأميركي غير المتسق في تعزيز الديمقراطية في أفريقيا، بحسب فورين بوليسي.
ولقد زارت نائبة الرئيس كامالا هاريس القارة، في جولة شملت غانا حيث استمع لخطابها قرابة 8 آلاف شاب في العاصمة أكرا، وضمت الجولة أيضًا تنزانيا وزامبيا.
وفي كانون الأول 2022، وقعت الحكومة الأميركية مذكرة تفاهم لدعم منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
وفي آذار 2023، أطلقت واشنطن مبادرة لدعم الصناعة الإبداعية في أفريقيا وسط زيادة عالمية في شعبية موسيقى البوب الأفريقية المعاصرة.
ومن المتوقع أن تواصل هاريس إلى حد كبير سياسة بايدن الأفريقية كما هو محدد في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي أطلقت في عام 2022.
ويشير محللون أمنيون لـ"فورين بوليسي" إلى أن "فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، قد يعطي الأولوية للحلول العسكرية على حساب المساعدات الإنسانية".
"لكن مع تصاعد التمرد الذي تقوده جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة في منطقة الساحل، فإن التهديد للأمن القومي الأمريكي قد يدفع إدارة هاريس إلى تبني نفس السياسات"، وفق المحللين.
وخلال فترة ولايته الأولى، اعترف ترامب بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء المغربية.
ويمكن لترامب أن يعزز التعاون مع موريتانيا والمغرب في مجالات الدفاع وسياسات مكافحة الهجرة في منطقة الساحل، خاصة في أعقاب الانسحاب الأميركي المكلف من النيجر في وقت سابق من هذا العام.
وتحتاج الحكومات الأفريقية بشكل عاجل إلى التمويل اللازم لمشاريع الاستثمار التي تسمح لها بتنمية الصناعات التي تصدر السلع النهائية بدلاً من المواد الخام، ولكنها مضطرة إلى الاعتماد على رأس مال أكثر تكلفة، عبر الاقتراض الدولي.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن اقتصادات الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى سوف تتراجع بنسبة تصل إلى 4% هذا العام بسبب نقص التمويل.
وتلعب الولايات المتحدة دوراً دولياً مهماً في منطقة القرن الأفريقي، وهناك حاجة ملحة إلى دبلوماسية جديدة لاستعادة النفوذ وسط الحرب في السودان والانقسامات الداخلية في عدة دول.
والأمر المهم هو أن هناك بعض الجهات الفاعلة الخارجية تغذي الحروب بالوكالة في هذه المناطق سعياً وراء المصالح الاقتصادية، وفق التحليل.
وخلال إدارة بايدن بذل مسؤولون أميركيون جهودًا دبلوماسية حثيثة في غرب أفريقيا، بحثا عن شراكات مع الحكومات العسكرية لمواجهة التطرف ونفوذ روسيا.
بالتوازي، يرغب آلاف الخريجين الأفارقة ذوو المهارات العالية، من الأطباء والممرضات والمحامين والمهندسين، في نيجيريا وغانا وزيمبابوي إلى الانتقال إلى الولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذي يتسبب في هجرة كارثية للعقول.
وعلى الجانب الآخر، يريد بعض القادة الأفارقة تصدير المواهب لتنمية اقتصاداتهم من خلال التحويلات المالية واحتياطيات النقد الأجنبي.
وبالنسبة لولاية ترامب الثانية، الذي تعهد حال فوزه، بإنشاء معسكرات اعتقال وترحيل جماعية للمهاجرين، فإن هذا من شأنه أن يعيق الهدف الاقتصادي المتمثل في تصدير العمالة لتخفيف البطالة الجماعية. (العين الإخبارية)