أيام قليلة تفصلنا عن يوم التصويت الكبير في الانتخابات الأميركية، والتي تعد واحدة من أغرب الانتخابات في التاريخ الأميركي، مع انسحاب مرشح وظهور آخر قبل ثلاثة أشهر فقط من التصويت، فيما يواجه مرشح آخر تهديدات ومحاولتي اغتيال.
برنامج "داخل واشنطن" ناقش موضوع من سيحسم الفوز بمقعد الرئيس الـ47 للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر المقبل، وأجرى مقابلات مع خبراء ومختصين للحديث حول النتائج المتوقعة وما تشير اليه إستطلاعات الرأي الآن.
الصحفي ديفيد هوكينغز، أوضح أن قرار انسحاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، "لم يكن سهلا"، إذ كانت هناك فترة قصيرة أقل من أسبوعين بين أداء بايدن المثير للقلق في المناظرة مع ترامب، وبين إقناعه بالانسحاب على أيدي ديمقراطيين آخرين، بينهم نانسي بيلوسي، عملوا خلف الكواليس.
ويضيف هوكينغز أنه في غضون ساعات، أعلن بايدن عدم الترشح، وتأييده لكامالا هاريس، ومع نهاية تلك الليلة كانت المرشح الأساسي للحزب.
وأوضح أن الديمقراطيين في هذه الحالة فقط كسروا مقولة في عالم السياسية "الجمهوريون يقفون في صف واحد فيما يقع الديمقراطيون في الحب"، ففي هذه الحالة فقط وقف الديمقراطيون صفا واحدا للطلب من بايدن الانسحاب وتأييد هاريس.
وأوضح هوكينغز أن مؤيدي ترامب يعتقدون أنهم في موقف جيد حاليا بدليل أن ترامب قضى ثلاثة أيام من أهم أيام الحملة في زيارة ولايات ليس هناك أحتمال بأن يفوز بها، "هذا يعني أنه واثق من النتائج، كما أن مؤيديه يبدون واثقين أيضا بكسب ما يكفي من أصوات شريحة الرجال، من اللاتينيين والسود وغير الجامعيين، للفوز بهذه الانتخابات".
الصحفي ديفيد هوكينغز أشار إلى أن السباق الانتخابي متقارب للغاية بين الطرفين حيث تظهر استطلاعات الرأي تنافسا حادا ونتائج متقاربة في الولايات السبعة التي ستحدد نتيجة الانتخابات.
رافي بيري، استاذ في جامعة هوارد، قال من جهته إن نجاح المرشحة الديمقراطية هاريس في الحملة الانتخابية بعد أنسحاب بايدن سببه انها كانت مستعدة لهذه التنافس رغم قصر الوقت، وان تأييد بايدن لها في البداية لم يضمن لها ترشيح الحزب الديمقراطي، لذا كان عليها تقديم أداء ممتاز حتى تحظى بترشيح الحزب.
بيري اشار إلى أن البعض من الديمقراطين تحدث عن وجوب ترشيح حاكم ما أو سيناتور ما أو شخصا آخر، لكن هذا لم يكن مقترحا جيدا بالنسبة للعديد من النساء وكذلك لشريحة كبيرة من الأميركيين من أصل إفريقي، فهؤلاء برأيه، لم يتقبلوا التخلي عن فكرة أول نائبة رئيس أميركية واحتمال ان تكون أول رئيس لأميركية سوداء من جنوب آسيا.
الأهم برأي بيري، هو أن هاريس استمرت في حملتها بقوة منذ ذلك الحين، ولم ترتكتب إجمالا أي أخطاء كبيرة خلال هذه الفترة، لكنه يقول إن لا أحد يعرف أذا كانت ستفوز بالرئاسة أم لا.
وسلط بيري الضوء على المشاكل المرتبطة باستطلاعات الرأي التي قال إن بأمكانها التنبؤ بخيارات الناخبين السابقين، لكنها ليست لديها أي فكرة بشان تأييد الناخبين المسجلين حديثا سيما طلاب الجامعات، وبالتالي تستثني معظم الاستطلاعات هذه الشريحة المهمة وأرقامها لا تعكس توجهات العديد من الناخبين.
وأضاف الاستاذ في جامعة هاورد، أن في الحملات السابقة كانت هناك حالة من الاستياء بين مجتمعات السود حيال المرشحين وعدم الاهتمام الكافي بمجتمعات الأميركيين من أصل أفريقي.
وأشار إلى أن حملة هاريس وضعت أجندة خاصة للرجال والنساء السود والعديد من الأقليات الأخرى التي لطالما تجاهلها مرشحو الأحزاب الكبرى، بحسب تعبيره.
وأوضح بيري أن حملة ترامب تحاول الان تهدئة مخاوف الناخبين من الاقليات عبر "المشاهير" ومن خلال القول انه سيستمر في اصلاح نظام العدالة الجنائية.
لكن هذه المحاولات، برأبه، لاقت رفضا وساهمت حملة هاريس في ذلك الرفض بسبب استجابتها من خلال أجندة محدد كالأجندة "الموجهة للسود" التي وضعتها قبل أسابيع قليلة والتي تتضمن بنودا من بينها المساعدة في شراء منزل لأول مرة، واعفاءات ضريبية للأطفال، حيث يقول بيري إنها "سياسات اقتصادية من شأنها أن تقلب الأمور لصالح هاريس".
الصحفية جيسيكا تايلور، قالت إنها لم تتوقع أبدا انسحاب الرئيس بايدن من المنافسة، وأن هذا جعل المشهد الانتخابي الحالي الأغرب، موضحة أن قرار الانسحاب يعتبر لحظة جوهرية.
"فحملة ترامب تضررت في النهاية مما حدث، لأنها أصبحت تواجه مرشحا ديمقراطيا أقوى .. وحملة بايدن من جهة أخرى كانت تعتقد انها ستبرز القوة والاستقرار في هذه المنافسة، لكن المناظرة مع ترامب كانت عكس ذلك وعززت مخاوف الناخبين بشأن عمر بايدن وقدراته العقلية".
تايلور أشارت إلى أن الجميع كان يعرف ان بايدن لو تم ترشيحه سيكون أكبر شخص يتم انتخابه رئيسا على الاطلاق ولم يكن من المتوقع أن يترشح لفترة رئاسية ثانية في الثمانينيات من عمره.
وأوضحت أن الاداء الضعيف لبايدن في المناظرة مع منافسه الجمهوري دونالد ترامب سببت حالة من الذعر، حينها أتفق الديمقراطيون على قرار انسحاب بايدن من الانتخابات.
استطلاعات الرأي، بحسب تايلور، تشير الى أن هاريس كسبت أصوات العديد من الناخبين الشباب مقارنة بحملة بايدن، وايضا تفوقت في عدد المسجلين الجدد من مجموعات أساسية أخرى كالنساء السود، اللواتي لم تكن لهن مشاركة واسعة في حملة بايدن أيضا.
لكن الأرقام المتوفرة تدل على أن هاريس بصورة عامة حصلت على تأييد أقل قليلا من جو بايدن بين الناخبين السود ومتأخرة قليلا فيما يتعلق بالناخبين من أصول لاتينية، بحسب تعبيرها.
وتضيف تايلور أن أداء هاريس كان أفضل فيما يتعلق بكسب صوت شريحة النساء، فرغم وجود فجوة بين الجنسين في السياسة، لكن الطرفين يكثفان الجهود في هذا السياق حيث نرى هاريس تحاول كسب تأييد النساء البيض والنساء البيض غير الجامعيات، ورأينا تحولا في ضواحي المدن تجاه الحزب الديمقراطي بسبب سياسات الإجهاض.
فيما يكثف ترامب جهوده لكسب تأييد الرجال ومحاولته تحقيق مكاسب بين الرجال السود واللاتينيين بحيث يعوض ما حققته هاريس من مكاسب بين النساء.
وذكرت تايلور أن حملة ترامب عام 2024 كانت الأكثر احترافية مقارنة بحملاته في 2016 و 2020، بسبب استعانته بعدد من الموظفين من أصحاب الخبرة الذين يحظون باحترام الحزب الجمهوري، ورفضه الظهر الكثير في الإعلام أو المناظرات، لمنع هاريس هاريس من إبراز نقاط ضعفه.
وأوضحت ان نتائج الاستطلاعات الحالية هي الأفضل التي يحصل عليها المرشح الجمهوري في الولايات المتأرجحة مقارنة بانتخابات عام 2016، والنتائج التي حصل عليها ترامب في الانتخابات السابقة كانت أفضل بكثير من أرقام استطلاعات الرأي، متوقعة أن تكون هناك فرصة حقيقية أمام ترامب في الفوز في هذه الانتخابات. (الحرة)