تنتظر المعارضة الكردية الإيرانية موقفا أكثر صلابة من الإدارة الأميركية الجديدة تجاه النظام الحاكم في إيران، لإضعافه وقطع أذرعه الممتدة في المنطقة ودعم الشعب الإيراني في نيل الحقوق والحريات.
وتتمركز الأحزاب الكردية المعارضة لإيران في كردستان العراق منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، إثر القمع الذي مارسه نظام الإيراني بقيادة روح الله الخميني ضدهم عقب سيطرته على الحكم في إيران عام 1979.
لكن وجودهم في كردستان العراق لم يمنع النظام الإيراني من مهاجمتهم واستهدافهم طيلة السنوات الماضية. وتنوعت عمليات الاستهداف ما بين تنفيذ اغتيالات في صفوفهم وقصفهم بالمدفعية الثقيلة والصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة.
وتسعى الأحزاب الكردية الإيرانية إلى "موقف دولي صارم" من إيران تقوده الولايات المتحدة مشابه للموقف الأمريكي الذي قاد التحالف الدولي عام 2003 لإنهاء نظام رئيس العراق الأسبق صدام حسين.
ويقول مسؤول ممثلية الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في أربيل، محمد صالح قادري لـ"الحرة": "إلى جانب الأخذ بنظر الاعتبار مصلحة بلاده، ينبغي على الفائز بالرئاسة الأميركية، سواء كان ترامب أو هاريس، أن يكون قادراً على لعب دور مؤثر في سياسة الخارجية من أجل حل ما يجري من أوضاع معقدة وتحديات في العالم".
ويرى قادري أن سياسة ترامب، في حال إذا فاز في الانتخابات، "ستكون أكثر فعالية من سياسة بايدن في الضغط على النظام في إيران"، مرجحا أن تحافظ هاريس، إذا فازت، على السياسة نفسها التي اتبعها بايدن تجاه إيران والمنطقة خلال السنوات الأربع الماضية.
ويؤكد قادري على "ضرورة العمل الدولي من أجل إضعاف النظام الإيراني"، معتبرا ذلك "عاملا مهما لتوفير استقرار نسبي لشعوب المنطقة"، وفي الوقت نفسه "تعزيزا للنضال الجماهيري داخل إيران من أجل نيل حقوقها".
ويبلغ عدد الأحزاب الإيرانية الكردية المعارضة عشرة تقريبا، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وأجنحة حزب الكوملة الكردستاني الثلاثة، وحزب الحرية الكردستاني (باك)، وحزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني المعارض في تركيا، وحزب "كومنيست" الإيراني، ومنظمة النضال الكردستاني في إيران وحزب سربستي كردستان وحزب استقلال كردستان.
ويشير المتحدث الرسمي باسم حزب الحرية الكردستاني، خليل نادري، لـ"الحرة" أن الكرد بشكل عام والموجودين في إيران يولون الانتخابات الأميركية اهتماما كبيرا، لأنها بحكم الدور الأميركي تجاه قضايا الشرق الأوسط وإيران.
ويضيف نادري "رغم أن السياسة الأميركية شبه ثابتة، لكن إدارة الديمقراطيين مختلفة عن الجمهوريين، فالأول وخاصة خلال عهد الرئيسيين أوباما وبايدن اتسم بالهدوء أمام إيران، لكن الأمر كان مختلفا في زمن الرئيس الجمهوري ترامب لما كان الموقف الأميركي شديدا مع إيران، لذلك النظام في طهران لا يحبذ فوز ترامب".
ويعتبر نادري أي قرار أميركي متعلق بإيران ستكون له "تأثيرات إيجابية وسلبية" على الكرد و"مستقبل الجغرافيا والشعوب الواقعة تحت الحكم الإيراني".
ويدعو نادري الإدارة الأميركية المقبلة إلى "قطع أذرع إيران في المنطقة بقراراتها ومواقفها، ودعم نضال الشعب الكردي وشعوب إيران المضطهدة من أجل نيل حقوقها وإسقاط النظام الذي زعزع الأمن والسلام العالميين".
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن أعداد اللاجئين الكرد الإيرانيين في كردستان العراق بلغ حتى الآن نحو 35 ألفا، غالبيتهم من الأطفال والنساء. وتعرضت مخيماتهم، في ايلول 2022، لهجوم عنيف استخدم خلاله الحرس الثوري الإيراني مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة، أسفرت عن مقتل أكثر من 17 شخصا، فيما أشارت مصادر صحية في الإقليم إلى أن أعداد الجرحى تخطى 58 جريحا.
ولم يتوقف النظام الإيراني خلال الأعوام الماضية على تنفيذ عمليات عسكرية ضد الأحزاب واللاجئين الكرد الإيرانيين في العراق، بل وقع اتفاقية أمنية مع العراق في آذار 2023 نصت على تفكيك تجمعات المعارضة الكردية الإيرانية المتواجدة في العراق منذ عقود وإبعاد مقراتها عن الحدود بين البلدين ونزع أسلحتها ونقلها الى مخيمات خاضعة لإشراف الحكومة العراقية في إقليم كردستان.
ويقول القيادي في حزب كوملة كادحي كردستان، أمجد حسين بناهي، لـ"الحرة"، "نحن في الكوملة ليس من المهم لدينا من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، فالسياسة الخارجية والسياسة الأميركية طويلة الأمد في الشرق الأوسط ثابتة، لكن الرئيس الذي يستطيع إضعاف النظام الإيراني سيكون له انعكاسات إيجابية لا على الكرد والأحزاب الكردية في ايران فحسب، بل على إقليم كردستان أيضا".
ويلفت بناهي إلى أن الكرد في إيران "ينتظرون من المجتمع الدولي إنهاء سياسة المساومة مع النظام الإيراني"، مشيرا إلى أن "الوقت حان لتتحرك الدول العظمى وفي مقدمتها أمريكا لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي والقضاء على برنامجه الصاروخي ومحاسبته على ما ينفذه من انتهاكات لحقوق الإنسان وتنفيذه الإعدامات ضد الكرد والشعوب الأخرى في إيران طيلة 45 عاما الماضية وعلى تصديره الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم".
ويضيف "ننتظر من الرئيس الأميركي القادم أن يكون داعما للكرد ولكافة الشعوب في إيران". (الحرة)