ذكرموقع "الإمارات 24" أنّ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية يُقلق أوروبا، فالرئيس الأميركي السابع والأربعون لم يُخفِ يوماً عداءه للحلف الأطلسي "الناتو" وإعجابه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
لذا وفي دلالة واضحة، وفور ظهور العلامات الأولى لانتصار دونالد ترامب صباح الأربعاء، وصلت أولى التهاني للرئيس العائد من كلّ من رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني أولاف شولتس، وورئيس حلف شمال الأطلسي مارك روته، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وحول عودة ترامب، أكد الرئيس السابق للبعثة الفرنسية في الأمم المتحدة وحلف الناتو الجنرال دومينيك ترينكواند، وجود تأثير كبير لنتائج الانتخابات الأميركية على قُدرة الجيوش الفرنسية على ضمان حماية البلاد، مُعتبراً أنّه من الطبيعي أن يؤثر مصير الولايات المتحدة، القوة العالمية الرائدة، على أمن فرنسا، الشريك المهم والعضو المؤسس لحلف شمال الأطلسي.
وسلّط الجنرال ترينكواند الضوء على موضوع الردع النووي كمسألة أساسية، مُشيراً إلى أنّ 60% من الاستثمارات في قانون البرمجة العسكرية لفرنسا مُكرّس لتحديثه، وهو ما يضمن حماية التراب الوطني.
واعتبر أنّ تغيير الموقف الأميركي من شأنه أن يُغيّر الوضع في أوروبا بشكل جذري. والحقيقة أن فرنسا، باعتبارها القوة النووية المستقلة الوحيدة في القارة، سوف تُصبح بمثابة نوع من التأمين على الحياة لصالح البلدان الأوروبية.
من جهته، اعتبر الكاتب الصحافي والمحلل السياسي الفرنسي كليمان بيترولت، أنّ انتخاب دونالد ترامب يعني أنّ أوروبا الآن وحدها تواجه مصيرها. وتحدّث عن صدمة قاسية لأوروبا من حيث الانحدار التكنولوجي، والضعف العسكري، وفقدان الدعم الأميركي. ولذا فإنّ الوقت لم يعد مناسباً للأوهام، ولا لإعادة اختراع نموذج بدأ يتلاشى.
وأكد أنّ فوز دونالد ترامب يُقلق الأوروبيين الذين أدركوا أنّ هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية سوف تُغيّر حياتهم أيضاً، فهذه العودة تبدو بالتأكيد بمثابة ناقوس الموت لعصر قديم، أي عصر النظام العالمي الذي تستطيع فيه القارة العجوز أن تزدهر بهدوء في ظلّ المظلة الأميركية.
ولم يستبعد أن تتخلى الولايات المتحدة عن أوكرانيا، ومن يدري ربما حتى حلف شمال الأطلسي، مُشيراً إلى قول المفوض الأوروبي السابق تييري بريتون "لم نعد نشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة".
وبرأي بيترولت فإنّه مع الانتخاب الجديد لدونالد ترامب، لن تتحسن الأمور: فأوروبا، التي كانت بالأمس مركز العالم، تُواجه خطر التحوّل إلى مسرح ثانوي في مواجهة روسيا "العدوانية"، والصين "الغازية"، وأميركا "المُنهكة"، لذا فإنّه يتعيّن على أوروبا الآن أن تتحمّل المسؤولية عن أمنها، وأن تُعيد اختراع نموذجها الاقتصادي.
والحلول موجودة، وخاصة من خلال زيادة التعاون بين البلدان الأعضاء وخطط الاستثمار الضخمة. ولكن هذه الحلول يعوقها واقع قاس: فألمانيا تغرق في الركود، وفرنسا في العجز، وهو ما يعني أنّ أوروبا الآن وحيدة في مواجهة مصيرها، وهذا هو الانحدار الكبير لمكانتها الآن. (الإمارات 24)