استولى الجيش الإسرائيلي على منطقة عازلة تسيطر عليها الأمم المتحدة بين سوريا وإسرائيل، وتقدم أكثر إلى سوريا في خطوة كسرت عقوداً من الهدوء النسبي على حدودهما المشتركة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، استهدفت الطائرات الإسرائيلية سوريا أيضاً لتدمير الأصول العسكرية الحكومية والأسلحة التي يمكن أن تعرض إسرائيل للخطر، بما في ذلك مخزونات الأسلحة الكيميائية والصواريخ.
جبهة ثالثة
وترى صحيفة "تايمز" البريطانية" في تقرير تحليلي أن إسرائيل يبدو أنها تستبق ما يمكن أن يكون فتح "جبهة ثالثة" في الحرب ضد حلفاء إيران التي استمرت لأكثر من عام.
وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل بالفعل تقاتل حماس وحزب الله على طول حدودها الشمالية والجنوبية الغربية، ولكن الآن، عادت جبهة متجمدة على الحدود السورية إلى الاشتعال بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من قبل الجماعات المعارضة السورية المتمردة غير الصديقة لإسرائيل.
ويقود المعارضون المسلحون الذين أطاحوا بالأسد وهم الآن مسؤولون بحكم الأمر الواقع عن معظم سوريا قائد سابق في تنظيم "القاعدة"، يدعى أبو محمد الجولاني المنحدر من مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل الآن.
المنطقة العازلة
وتقول إسرائيل إن عملية الاستيلاء على الحدود هي إجراء مؤقت، لكن التدخل في سوريا أثار مخاوف من أن تل أبيب قد تسعى للاستفادة من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها دمشق.
تم إنشاء المنطقة العازلة، التي تحرسها الأمم المتحدة والمعروفة باسم المنطقة الفاصلة، كجزء من وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة خمس سنوات بين إسرائيل وسوريا، والذي تم توقيعه بعد حرب تشرين الأول 1973.
واستولت إسرائيل على مرتفعات الجولان عام 1967 وضمت جزءاً كبيراً من المنطقة عام 1981، وهي خطوة معترف بها دولياً فقط من قبل الولايات المتحدة.
وتتهم الأمم المتحدة الآن إسرائيل بانتهاك اتفاقية فك الارتباط مع سوريا لعام 1974، والتي تتطلب من القوات الإسرائيلية البقاء غرب خط "ألفا" على الجانب الإسرائيلي من المنطقة العازلة، وبقاء القوات السورية على جانبها من خط "برافو" إلى الشرق.
ويوم الاثنين، اعترفت إسرائيل بتجاوز خط "برافو"، حيث تعرضت قاعدة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك لهجوم من قبل مسلحين في نهاية الأسبوع.
وأمس، قالت إسرائيل إنها لن نسمح بأي تهديدات تطالها أو تطال مواطنيها، ولهذا السبب قامت بالسيطرة على المنطقة العازلة في الحدود.
توغل إسرائيلي
والثلاثاء، قالت تقارير صحفية إن القوات الإسرائيلية تواصل توغلها داخل الأراضي السورية، وأصبحت تبعد نحو 25 كيلومتراً عن ريف دمشق.
لكن هذه التقارير نفاها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي في منشور على "إكس".
وتقول الصحيفة إن دخول إسرائيل إلى جنوب سوريا يستبق التداعيات المحتملة من فراغ السلطة الذي خلفه سقوط الأسد. ويتطلع الجيش إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، ويتخذ إجراءات علنية لمنع الحدود وأي أسلحة للنظام السابق من الوقوع في أيدي العدو.
وعلى الرغم من أن هذا يمثل أول معبر إلى الأراضي السورية، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها إسرائيل المنطقة العازلة. ففي الشهر الماضي، دخلت مركبات وقوات الجيش الإسرائيلي المنطقة وحفرت خنادق؛ قالت الأمم المتحدة إنها تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار.
خط أوكسجين
وقالت إسرائيل إن الخنادق جزء من محاولة لحماية البلاد من التوغلات التي تشنها الميليشيات الإيرانية المتمركزة في سوريا.
ومنذ هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، ظل خطر التوغلات البرية والجوية معلقاً فوق إسرائيل، وكثيراً ما تم إسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تطلقها الجماعات المدعومة من إيران.
كما تتهم إسرائيل سوريا بأنها "خط أكسجين" ينقل الأسلحة إلى حزب الله، الميليشيا المدعومة من إيران في لبنان، خوفاً من إمكانية نقل المعدات في الاتجاه المعاكس.
وتقوم إسرائيل بضرب أهداف في سوريا منذ سنوات، على الرغم من أنها لا تعترف عادة بتلك الهجمات. وفي الآونة الأخيرة، كانت تل أبيب أكثر انفتاحاً بشأن نشاطها بسوريا، مبررة ذلك كجزء من جهودها لقطع خط الإمداد عن حزب الله واستهداف المصالح الإيرانية في سوريا بما في ذلك شحنات الأسلحة والأفراد والمواقع. (24)