بينما تتجه سوريا نحو تشكيل حكومة جديدة بعد التطور المفاجئ المتمثل بسقوط نظام بشار الأسد، يظل الموقف الأميركي محاطًا بالغموض، حيث تسعى واشنطن لإعادة تقييم دورها في الأزمة السورية وما بعدها.
منذ اندلاع الربيع العربي عام 2011، الذي شمل موجة احتجاجات واسعة في سوريا، بدأت الولايات المتحدة باتخاذ خطوات ضد نظام الأسد. ووفقًا للباحث جوردان تاما، أستاذ السياسة الخارجية الأميركية في الجامعة الأميركية، تركز التدخل الأميركي حينها على فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية ردًا على القمع العنيف الذي مارسته ضد المتظاهرين.
مع تحول الاحتجاجات إلى صراع مسلح، ازدادت العقوبات الأميركية، إلى جانب دعم محدود لفصائل المعارضة المعتدلة. غير أن واشنطن تجنبت التدخل المباشر الكبير، معتمدةً بشكل أكبر على الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق التوازن في الصراع.
يرى تاما أن سقوط الأسد يمثل نقطة تحول هامة للسياسة الأميركية في سوريا، لكنها قد لا تأتي مع تغييرات جذرية في استراتيجيتها. الغموض الحالي حول رد الفعل الأميركي يعكس الحذر من الوقوع في التزامات طويلة الأمد في منطقة غير مستقرة.
في عام 2013، بدأت الولايات المتحدة بتزويد المجموعات المتمردة بالسلاح لمقاومة النظام السوري، وفي نفس العام، تجاوز الأسد ذلك باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وهو ما دفع الرئيس باراك أوباما لوضع "خط أحمر"، لكنه قرر عدم التدخل بعد التزام الأسد بتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، رغم عدم وفائه التام بالوعد، بحسب مجلة "ذا كونفرزيشن".
وفي 2014، بعد أن استولى تنظيم داعش على أجزاء من سوريا، نشرت الولايات المتحدة قوات لمحاربته في 2015. وبحلول 2019، نجحت الولايات المتحدة في إضعاف داعش كثيرًا وقلصت وجودها.
ورغم ذلك، لم تعترف الولايات المتحدة بشرعية حكومة الأسد، لكنها تقبلت في النهاية حكمه في ظل الوضع القائم.
وأضاف تاما أن الولايات المتحدة لا تزال متورطة في سوريا بطرق مختلفة، فهناك نحو 900 جندي أميركي متمركزين في مناطق نائية لمنع داعش من إعادة تجميع صفوفه. كما قدمت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار مساعدات عسكرية للمجموعات المعتدلة، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على شمال شرقي سوريا وتعاونت مع الولايات المتحدة في محاربة داعش مع الحفاظ على معارضتها للنظام السوري.
وتواصل الولايات المتحدة أيضًا فرض عقوبات على الحكومة السورية منذ عام 2011، بالإضافة إلى تقديم مساعدات إنسانية للمواطنين السوريين المتضررين من الحرب.
ومع ذلك، أشار تاما إلى أن الولايات المتحدة لم تكن جزءًا من الإطاحة بحكومة الأسد، إذ تلقت المجموعات المتمردة الدعم بشكل رئيسي من تركيا التي تسعى إلى تقليل نفوذ حزب العمال الكردستاني السوري، وفق قوله.
وفيما يتعلق بتأثير سقوط الأسد على الولايات المتحدة، أوضح تاما أن هذا التحول قد يفتح الباب لتحسين العلاقات بين البلدين، ولكن ذلك يعتمد على الحكومة الجديدة في سوريا. (ارم نيوز)