مع تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بمستقبل سوريا، برزت توقعات بعودة نحو مليون لاجئ سوري خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025، وفقًا لتصريحات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
يأتي هذا في ظل دعوات أممية للدول المضيفة بالامتناع عن الإعادة القسرية للاجئين، وفي وقت تشهد فيه سوريا تطورات سياسية وإنسانية قد تفتح الباب أمام عودة تدريجية للمواطنين الذين فروا خلال سنوات الصراع.
التحديات التي تواجه عودة اللاجئين
قال الخبير في شؤون الهجرة واللجوء أحمد السعدون في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هناك تحديات كبيرة تعرقل عودة اللاجئين بشكل آمن ومستدام.
وأوضح أن العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا، تعاني من صعوبات أمنية واقتصادية تجعلها غير قادرة على استيعاب المزيد من طلبات اللجوء السوري، ما دفع بعض هذه الدول إلى تقديم حوافز مالية للاجئين للعودة إلى وطنهم.
وأضاف السعدون: "العودة الجماعية للاجئين قد تكون محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا لم تُوفَّر الظروف الملائمة في الداخل السوري. النهج التدريجي هو الحل الأمثل لضمان استقرار هؤلاء العائدين وحمايتهم".
هل سوريا مهيأة لاستقبال اللاجئين؟
في الداخل السوري، أشار مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة إلى وجود أساس لزيادة الدعم الإنساني الحيوي. ومع ذلك، يرى السعدون أن استتباب الأمن يعد العامل الأهم لاستقبال اللاجئين، موضحًا أن بعض المناطق مثل جبلة واللاذقية وطرطوس بدأت تشهد إحساسًا بالأمان، وهو مؤشر إيجابي قد يشجع اللاجئين على العودة.
وأكد السعدون أهمية تقديم الحكومة السورية إشارات إيجابية تعزز الوحدة الوطنية وتنوع البلاد الطائفي، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات ستساعد على بناء الثقة بين المواطنين والسلطات.
الدور الدولي في إعادة الإعمار
عودة اللاجئين تتطلب، وفق السعدون، دعمًا دوليًا هائلًا لإعادة بناء البنية التحتية وترميم المجتمعات المتضررة. وأوضح قائلاً: "لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين دون تدخل دولي كبير يشمل دعمًا ماديًا ومشاريع لإعادة تأهيل البنية التحتية. كما أن إعادة بناء الثقة النفسية للمواطنين المتضررين من ممارسات النظام السابق تعد عنصرًا حاسمًا في هذا الإطار".
كما شدد على ضرورة تدريب كوادر وزارة الداخلية السورية بالتعاون مع دول عربية ذات خبرة، لإعادة هيكلة الوزارة وضمان كفاءتها، مضيفًا: "يجب أن نتجنب الأخطاء السابقة التي وقعت في العراق، مثل تعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع حساسة، لضمان نجاح عملية إعادة الإعمار وإدارة المرحلة الانتقالية".
التعاون الإقليمي
ختامًا، أشار السعدون إلى أهمية دور الدول الإقليمية، مثل تركيا والعراق والأردن ودول الخليج، في دعم جهود عودة اللاجئين. وقال: "التعاون العربي والدولي سيشكل ركيزة أساسية لإعادة سوريا إلى حضنها العربي، ودعم الجهود الإنسانية والتنموية فيها".
على الرغم من التوقعات بعودة مليون لاجئ سوري، فإن التحديات الأمنية والاقتصادية، سواء في الدول المضيفة أو داخل سوريا، تجعل هذه العملية معقدة. العودة التدريجية مع تقديم مساعدات دولية ودعم إعادة الإعمار قد تكون المفتاح لضمان عودة مستدامة وآمنة للمواطنين السوريين إلى ديارهم. (سكاي نيوز)