شكلت "الانتكاسة" المفاجئة في سوريا صُداعًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يسعى للحفاظ على نفوذ بلاده في الشرق الأوسط وإفريقيا، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وقالت الصحيفة إنه في حين تحاول روسيا منذ عقود إعادة بناء نفوذها في الشرق الأوسط، فإن الكرملين يسعى جاهدًا، بعد الانهيار السريع لنظام الأسد في سوريا، لإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه في بلد حقق أهدافًا كثيرة لروسيا، وفق تعبيرها.
وعلى الرغم من سعي الرئيس بوتين إلى تصوير الأحداث في سوريا بعدِّها نجاحاً لروسيا، فإن القرار المحتمل من فصائل المعارضة التي تقود سوريا الآن برحيل القوات الروسية من قاعدتي حميميم وطرطوس، سيترك موسكو من دون الموارد اللازمة للحفاظ على وجود عسكري كبير في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، حقق الوجود العسكري الروسي في سوريا، المتمثل في قاعدتين، الأولى جوية في حميميم، والثانية بحرية في طرطوس، ثلاثة أهداف رئيسة.
وأوضحت أن أول هذه الأهداف أن وجودها العسكري في سوريا دفع الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، والمنطقة ككل، إلى التعامل دبلوماسيًّا مع موسكو، التي كانت معزولة دوليًّا بعد ضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014.
كذلك، فإن الوجود الروسي البحري في طروطوس، بما في ذلك 3 سفن حربية كبيرة وغواصة، أجبر المخططين العسكريين لحلف شمال الأطلسي على الانتباه.
وثاني الأهداف أن روسيا أظهرت للعالم أنها قادرة على استخدام القوة، وقد ساعد قصفها المكثف لمواقع المعارضة في سوريا في الحفاظ على حكم بشار الأسد خلال الحرب الأهلية.
أما الهدف الثالث فيتمثل في أن سوريا، وهي نقطة محورية جغرافية في المنطقة، أصبحت مركزًا لوجستيًّا حيويًّا، وميناء بالمياه الدافئة على البحر الأبيض المتوسط، وقاعدة جوية لنقل الأسلحة والذخائر إلى القوات الروسية في إفريقيا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن نفوذ روسيا والخدمات اللوجستية التي حظيت بها في سوريا أصبحت في خطر مستمر ويرتبط بقاؤها، ولو جزئيًّا، برغبة القيادة السورية الجديدة.
وفي حين أنّ أميركا منشغلة بفترة رئاسة انتقالية، علاوة على عدم اهتمام واضح من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب بسوريا، يبدو أن تركيا تستغل الفرصة لتصبح الحليف المهيمن لنظام دمشق الجديد.
ويضاف إلى ذلك ما يظهر من أطماع إسرائيل، التي اعتادت الحد من هجماتها في سوريا لتجنب الصراع مع القوات الروسية، وفق الصحيفة.
مع هذا، وبينما لا تزال روسيا تستطيع توفير بعض الدعم لسوريا الجديدة، مثل الاعتراف الرسمي بالحكومة السورية الجديدة، علاوة على مدفوعات مالية ومعدات عسكرية ونفط، فإنه من المؤكد أن السرعة التي أسقط بها الكرملين دعمه للأسد في النهاية أضرت بسمعته كحامٍ موثوق للأنظمة الحليفة، بحسب الصحيفة. (إرم نيوز)