"مشهد مرعب" و "ظروف قاسية ولا إنسانية"، هكذا وصفت هيئات حقوقية مغربية أوضاع 19 شخصا يعانون اضطربات نفسية احتجزوا طيلة عامين داخل ضيعة فلاحية، بمنطقة قلعة السراغنة، قرب مراكش.
تفاصيل الحادثة
وسيطرت الحادثة على اهتمامات الرأي العام في المغرب طيلة الساعات الأخيرة، وذلك بعد أن أكدت تقارير تحرير قوات الأمن لـ 19 شخصا يعانون من مضاعفات الإدمان واضطرابات نفسية من مركز احتجازهم داخل ضيعة فلاحية.
ووصفت هيئات حقوقية مغربية ظروف "المحتجزين" بـ"القاسية واللاإنسانية"، وسط دعوات إلى التحقيق مع المتورطين في هذه القضية، بشبهة الاتجار بالبشر.
وفي تفاصيل الحادثة، داهمت عناصر من الدرك الملكي المغربي، الخميس الماضي، الضيعة الفلاحية، بعد تلقيها شكوى من أسرة أحد المحتجزين قالت فيها إن ابنها، البالغ من العمر 28 سنة، أقام بالضيعة لمدة نحو عام ونصف، قبل إعادته إلى العائلة وهو في حالة صحية سيئة.
وأفادت تقارير إعلامية بأن المحتجزين كانوا موزعين على 9 غرف داخل منزل مكون من 3 طوابق داخل المزرعة، وقد أوقفت السلطات الأمنية شخصين يشتبه في ضلوعهما بهذا الملف.
كما تشتبه السلطات في توسط ممرض بأحد المراكز الطبية في مدينة تطوان بين عائلات المحتجزين وصاحب الضيعة الفلاحية، لإيواءهم مقابل مبالغ مالية.
وأفاد رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، في تصريح لموقع "الحرة" بأن المجتمع المدني تلقى بتأثر كبير وصدمة قوية خبر وجود عدد من المواطنين المحتجزين في ضيعة فلاحية، في ظروف لا إنسانية.
اتجار بالبشر
وتفاعلا مع الحادثة المثيرة للجدل، دعت هيئات حقوقية مغربية إلى فتح تحقيق في شبهة اتجار بالبشر، وسط دعوات إلى توفير دور رعاية للفئات التي تواجه أمراضا عقلية ونفسية.
وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالعطاوية تملالت بفتح تحقيق بشأن شبهة وجود شبكة منظمة للاتجار في البشر، داعية في بيان، الجمعة، إلى تعميق البحث حول احتمال وجود محتزين آخرين في أماكن سرية أخرى.
ورغم هذه الدعوة، يقول الخضري إن تصنيف القضية كاتجار بالبشر يعتمد على نتائج التحقيقات الجارية.
ويضيف في تصريح لموقع "الحرة" أنه إذا ثبت استغلال المحتجزين في أعمال شاقة دون إرادتهم فقد تنطبق تعريفات الاتجار بالبشر على هذه الواقعة، لكن يبقى تقدير توصيف ما جرى كونه اتجارا بالبشر من عدمه من اختصاص القضاء.
ويعتبر الخضري أن المغرب يعاني نقصا حادا على مستوى البنية التحتية الخاصة بمستشفيات الأمراض العقلية والنفسية، مطالبا الحكومة المغربية بـ"تحمل مسؤوليتها من أجل ضمان عدم انتهاك حقوق هذه الفئة من المواطنين، وذلك عبر توفير الرعاية الصحية النفسية الملائمة، من خلال إنشاء مراكز متخصصة وتوفير الكوادر الطبية المؤهلة".
كما دعا إلى إطلاق حملات توعوية للحد من الوصم المرتبط بالأمراض النفسية وتشجيع الأسر على طلب المساعدة الطبية المتخصصة، بدلاً من اللجوء إلى الأساليب غير القانونية.